الفصل السابع محمد بن علي الشلمغاني‌

نشأ الرجل، الذي لعب دورا مهما في أيام السفير الثالث، في شلمغان بمنطقة واسط [1] ، و كان ذلك في وقت، نشطت فيه حركة المطالب الدينية الجديدة في العالم الإسلامي: الحلاج، و بايزيد ، و البسطامي (توفي سنة 261-264 هـ) ، و المحاسبي (توفي سنة 243 هـ) ، و الحاكم الترمذي (توفي سنة 285 هـ/898 م) و غيرهم، و كذا المذاهب الدينية الجديدة الأخرى، التي كانت تتكون من عناصر أجنبية، و لكنها كانت ترتدي ثوبا إسلاميا. كان الرجال مختلفين، و كانت أغراضهم مختلفة: غير أنهم اشتركوا جميعا في فكرة معرفة الله. و مثلما يحدث في التاريخ عادة: فإن الاتحاد المحض بالله يصبح عند بعض الدعاة ربوبية ذاتية مادية مغرضة.

لقد تأثر الشلمغاني بهذه المذاهب، التي ازدادت بشكل مطرد في القرنين الثالث و الرابع للهجرة. فاستغل الأفكار الصوفية السائدة في عصره لتحقيق أغراضه الخاصة، فلم يكتف، بدافع طموحه و غروره، لا بمكانته الرفيعة و مركزه الكبير عند الشيعة، و لا بمكانته عند وزيره و سيده، و إنما أراد أن يلعب الدور الكبير، الذي تتطلبه روح عصره. لقد عادت الموهبة

[1] ابن الأثير، ج 8، ص... ، و ياقوت، إرشاد الأريب، ج 1، ص 296.