اسم الکتاب : الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء(ع) المؤلف : الأنصاري الزنجاني، إسماعيل الجزء : 8 صفحة : 75
فأخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) يدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فانطلقا حتى دخلا على فاطمة الزهراء (عليها السلام) و هي في مصلاها قد قضت صلاتها و خلفها جفنة تفور دخانا، فلما سمعت كلام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) في رحلها خرجت من مصلاها. فسلّمت عليه- و كانت أعز الناس عليه- فردّ و مسح بيده على رأسها و قال لها:
يا بنتاه، كيف أمسيت رحمك اللّه تعالى، عشّينا غفر اللّه لك و قد فعل. فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي النبي (صلّى اللّه عليه و آله) و علي بن أبي طالب (عليه السلام). فلما نظر علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى طعام و شمّ ريحه رمى فاطمة ببصره رميا شحيحا. قالت له فاطمة (عليها السلام):
سبحان اللّه! ما أشحّ نظرك و أشده؟ هل أذنبت فيما بيني و بينك ذنبا استوجبت به السخطة؟ قال: أيّ ذنب أعظم من ذنب أصبتيه؟ أ ليس عهدي إليك اليوم الماضي و أنت تحلفين باللّه مجتهدة ما طعمت طعاما مذ يومين؟
قال: فنظرت إلى السماء فقالت: إلهي يعلم في سمائه و يعلم في أرضه أني لم أقل إلا حقا. فقال لها: يا فاطمة، أنّى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط و لم أشمّ مثل ريحه قط و ما آكل أطيب منه؟ قال: فوضع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كفه الطيبة المباركة بين كتفي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فغمّزها، ثم قال:
يا علي، هذا بدل دينارك و هذا جزاء دينارك من عند اللّه: «إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ». [1] ثم استعبر النبي (صلّى اللّه عليه و آله) باكيا، ثم قال: الحمد للّه الذي هو أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجزيكما، و يجريك يا علي مجرى زكريا و يجري فاطمة (عليها السلام) مجرى مريم بنت عمران: «كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً». [2]