اسم الکتاب : الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء(ع) المؤلف : الأنصاري الزنجاني، إسماعيل الجزء : 8 صفحة : 292
يومين من طعمه إلا شيء أوثرك به على بطني و على ابني هذين. قال: يا فاطمة، أ لا أعلمتيني حتى أبغيكم شيئا؟ قالت: إني استحي من اللّه أن أكلّفك ما لا تقدر عليه.
فخرج من عندها واثقا باللّه و حسن الظن به و استقرض دينارا. فبينا الديا نار بيده أراد أن يبتاع لهم ما يصلح لهم، إذ عرض له المقداد في يوم شديد الحر، قد لوّحته الشمس من فوقه و آذته من تحته.
فلما رآه أنكره؛ قال: يا مقداد، ما الذي أزعجك من رحلك هذه الساعة؟ قال:
يا أبا حسن، خلي سبيلي و لا تسألني عما ورائي. فقال: يا أخي، إنه لا يحلّ لك أن تكتمني حالك.
قال: أما إذ أبيت فو الذي أكرم محمدا بالنبوة ما أزعجني من رحلي إلا الجهد، و لقد تركت أهلي يبكون جوعا؛ فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض، فخرجت مغموما راكبا رأسي. فهذه حالي و قصتي.
فهملت عينا علي (عليه السلام) بالبكاء حتى بلّت دموعه لحيته، قال: أحلف بالذي حلفت، ما أزعجني غير الذي أزعجك، و لقد اقترضت دينارا فهاك، آثرك به على نفسي.
فدفع إليه الديا نار و رجع حتى دخل مسجد النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، فصلى فيه الظهر و العصر و المغرب. فلما قضى النبي (صلّى اللّه عليه و آله) صلاة المغرب مرّ بعلي (عليه السلام) في الصف الأول، فغمّزه برجله. فقام علي (عليه السلام) خلف النبي (صلّى اللّه عليه و آله) حتى لحقه عند باب المسجد، فسلّم عليه فردّ السلام. فقال:
يا أبا الحسن، هل عندك شيء تعشّينا؟ فانفتل إلى الرجل فأطرق علي (عليه السلام) ساعة لا يحير جوابا حياء من النبي (صلّى اللّه عليه و آله)، و قد عرف الحال التي خرج عليها. فلما نظر إلى سكوت علي (عليه السلام) قال: يا أبا الحسن! ما لك، أولا تقول نعم فأجيء معك؟ فقال له: حبا و كرامة، بلى اذهب بنا؛ و كان اللّه تعالى قد أوحى إلى نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) أن تعشى عندهم.
فقال علي (عليه السلام): بلى. فأخذ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) بيده، فانطلقا حتى دخلا على فاطمة (عليها السلام) في مصلى لها، و قد صلت و خلفها جفنة تفور دخانا. فلما سمعت كلام النبي (صلّى اللّه عليه و آله) في رحلها خرجت
اسم الکتاب : الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء(ع) المؤلف : الأنصاري الزنجاني، إسماعيل الجزء : 8 صفحة : 292