فالمحتاج إلى مزيد البيان على أصل الصيغة هو الواجب الكفائي، فإذا لم ينصب المولى قرينة على إرادته- كما هو المفروض- يعلم أن مراده الوجوب العيني.
و أما بسبب ظهور الأمر المتوجه الى الافراد أنه متعلق بكل فرد و يجب عليه امتثاله (فيجب على المسلمين الصلاة) بعد حمل المسلمين على العموم الاستغراقي، بمنزلة يجب على كل فرد من افراد المسلمين ان يصلي، و هذا يكون ظاهرا في أن كل فرد يجب عليه الصلاة فيجب عليه التحرك إلى الصلاة لأن في ذمته صلاة.
و الحاصل أن مثل هذه العبارات ظاهرة في جعل الوجوب في ذمة كل شخص على استقلاله و هو الوجوب العيني.
و الفرق بين استظهار العينية بالإطلاق و بين استظهارها بالظهور المذكور هو أن الأول متوقف على كون المتكلم في مقام البيان.
فبدون إحراز هذا المقام في الكلام لم يجز التمسك بالإطلاق. و هذا بخلاف الثاني فإن دلالته على العينية لا تحتاج إلى شيء.
و لعل المراجع إلى ذهنية العلماء يجزم بأن الاعلام يدعون دلالة الأمر على العينية بلا حاجة الى بحث كون المتكلم في مقام البيان.
فإذا لم يكن ثبوت كونه في مقام البيان من البديهيات كانت طريقه العلماء دليلا على أن المرتكز في أذهانهم إنما هو الاستظهار الثاني لا الأول.
المقام الثالث: أنه بعد التمسك بالإطلاق هل مركز الاطلاق هو المادة أم الهيئة؟
و الظاهر كما عليه الأعلام هو الثاني.
توضيحه أن المادة إنما تدل على ماهيّة العبادة فلا نظر لها إلى المكلف بالذي يقع على عاتقه فعلها.
و أما الهيئة فهي تدل على دفع المكلف نحو المادة فبالإطلاق يستفاد أن الدفع و البعث ثابت سواء فعل الغير أم لم يفعل.