و على هذا، لا يمكن استعمال لفظ واحد إلا في معنى واحد، فإن استعماله في معنيين مستقلا بأن يكون كل منهما مرادا من اللفظ كما إذا لم يكن إلا نفسه، يستلزم لحاظ كل منهما بالأصالة، فلا بد من لحاظ اللفظ في آن واحد مرتين بالتبع، و معنى ذلك اجتماع لحاظين في آن واحد على ملحوظ واحد أعني به اللفظ الفاني في كل من المعنيين.
و هو محال بالضرورة فإن الشيء الواحد لا يقبل إلا وجودا واحدا في النفس في آن واحد.
أ لا ترى أنه لا يمكن أن يقع لك أن تنظر في مرآة واحدة إلى صورة تسع المرآة كلها و تنظر- في نفس الوقت- إلى صورة أخرى تسعها أيضا. إن هذا لمحال.
و كذلك النظر في اللفظ إلى معنيين، على أن يكون كل منهما قد استعمل فيه اللفظ مستقلا و لم يحك إلا عنه.
نعم يجوز لحاظ اللفظ فانيا في معنى في استعمال، ثم لحاظه
بشيء آخر غير مدلول اللافتة لم يكن ذلك محالا بل في غاية الامكان و لكن هذا الأسلوب خارج عن طريقة المحاورة المألوفة.
و لعله إلى هذه النقطة أشار المصنف بقوله آنفا (على أن يكون كل من المعاني مرادا من اللفظ) فغرضه أن يقول أنه لا استحالة إذا كان اللفظ لا يراد به إلا معنى واحد أو لا يراد به أي معنى و لكن جعل علامة كي يحضر المعاني في ذهن السامع.
قوله (ره): (أ لا ترى أنه لا يمكن أن يقع لك ...).
أقول هذا المثال ليس في محله و هو من العبارات التي خانت المصنف و ذلك لأن الاستحالة في المثال ناشئة من المرآة. فإن المرآة لا يمكنها أن تستوعب في آن واحد صورتين تكون كل صورة منهما بسعة المرآة و على قدرها و لذا كان العجز هنا في المرآة فهذا محال حتى على القادر المطلق لأن العجز في المقدور لا في القادر.