وَاحِدٌ نَحْوُ دَرَاهِمَ وَ أَثْوَابٍ توَقَّفَ الذِّهْنُ فِى حَمْلِهِ عَلَى الْقَلِيلِ و الْكَثِيرِ حَتَّى يَحْسُنَ السُّؤَالُ عَنِ الْقِلَّةِ وَ الْكَثْرَةِ وَ هذَا مِنْ عَلَامَاتِ الْحَقِيقَةِ وَ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِى أَحَدِهِمَا مَجَازاً فِى الآخَرِ لتَبَادَرَ الذِّهْنُ إِلَى الْحَقِيقَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَ قَدْ نَصُّوا عَلَى ذلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ فَقَالُوا و يُجمَع فِعْلٌ عَلَى أَفْعُلٍ نَحْوُ رِجْلٍ تُجمَع عَلَى أَرْجُلِ وَ يَكُونُ لِلْقَلِيل وَ الْكَثِيرِ وَ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ وَ قَدْ يَجِئُ أَفْعَالٌ فِى الْكَثْرَةِ قَالُوا قَتَبٌ و أَقْتَابٌ و رَسَنٌ وَ أَرْسَان و الْمُرَادُ وَ قَدْ يُسْتَعْمَلُ فى الْكَثْرَةِ كَمَا اسْتُعْمِلَ فِى القِلَةِ.
وَ أَمَّا إِذَا كَانَ لَهُ جَمْعَانِ نَحْو أَفْلَسٍ و فلوسِ فَهٰهُنَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ وُضِع أَحَدُ الْجَمْعَيْن مَوْضِعِ الآخَر.
وَ أَمَّا مَا لَهُ جَمْعٌ وَاحِدٌ فَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ ذلِكَ إِذْ لَيْسَ لَهُ جَمْعَانِ وُضِعَ أحَدُهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ بَلْ يُقَالُ فِيهِ إِنَّهُ هُنَا جَمْعُ قِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ.
ثُمَّ جَمْعُ القِلَّةِ [1] مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ وَ جَمْعُ الْكَثْرَةِ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إِلَى مَا فَوْقَهُ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ مِنْ أَبْنِيَةِ الجُمُوعِ ما بُنِى لِلْأَقَلّ مِنَ العَدَدِ وَ هُوَ الْعَشَرَةُ فَمَا دُونَهَا وَ مِنْهَا مَا بُنِىَ لِلْكَثْرَةِ وَ هُوَ مَا جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَمِنْهَا مَا يُسْتَعْمَلُ فِى غَيْرِ بَابِهِ وَ مِنْهَا ما يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى بِنَاءِ الْقَليلِ فِى الْقَلِيلِ و الْكَثِيرِ وَ مِنْهَا ما يُسْتَغْنَى فِيهِ بِالْكَثِيرِ عَنِ الْقَلِيلِ فَالَّذِى يُسْتَغْنَى فِيهِ بِبِنَاءِ الْأَقَلِّ عَنِ الْأَكْثَرِ نَجِدُهُ كَثِيراً وَ الاسْتِغْنَاءُ بِالْكَثِيرِ عَنِ الْقَلِيلِ نَحْوُ ثَلَاثَةُ شُسُوعٍ وَ ثَلَاثَةُ قُرُوء.
قَالَ و (فَعْلٌ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَ سُكُونِ الْعَيْنِ إِذَا جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَإِنَّهُ يَجِئُ عَلَى فُعُولٍ نَحْوُ نَسْرٍ و نُسورٍ و الْمُضَاعَفُ مِثْلَهُ قَالُوا صَكٌّ و صُكُوكٌ و بَنَاتُ الْوَاوِ و الْيَاءِ كَذلِكَ قَالُوا دُلِىٌّ و ثُدِىٌّ وَ فِى كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَدَلُّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْكَثْرَةِ إِذَا وَقَعَ تَمْيِيزاً لِلْعَدَدِ نَحْوُ خَمْسَةِ فُلُوسٍ و ثَلَاثَةُ قُرُوء عَلَى بَابِهِ وَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ وَضْعِ أحَدِ الْجَمْعَيْنِ مَوْضِعَ الآخَرِ بَل التَّقْدِير خَمْسه مِنْ هذَا الجِنْسِ وَ ثَلَاثَةٌ مِنْ قُرُوءٍ و نَحْوُ ذلِكَ لِأَنَّ الْجِنْسَ لا يُجْمَعُ فِى الْحَقِيقَةِ وَ إِنَّمَا تُجْمَعُ أَصْنَافُهُ (و الْجَمْعُ) يَكُونُ فِى (الْأَعْيَانِ) كَالزَّيْدِينَ وَ فِى (أَسْمَاءِ الْأَجْنَاسِ) إِذَا اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهَا كَالْأَرْطَابِ و الْأَعْنَابِ و الْأَلْبَانِ و اللُّحُومِ وَ فِى (الْمَعَانِى) الْمُخْتَلِفَةِ كالعُلُومِ و الظُّنُونِ.
(فَصْلٌ) [فيما إذا جمعت فعلة بالحركات الثلاث]
إِذَا جُمِعَتْ (فُعْلَةٌ) بِضَمِّ الْفَاءِ و سُكُونِ الْعَيْنِ بِالْأَلِفِ و التَّاءِ (فَإِنْ كَانَتْ صِفَةً) فَالْعَيْنُ سَاكِنَةٌ فِى الْجَمْعِ أَيْضاً نَحْوُ حُلْوَات و مُرَّاتٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ شَبِيهَةٌ بِالْفِعْلِ فِى الثِّقَلِ لتَحَمُّلِهَا الضَّمِيرَ فَيُنَاسِبُ التَّخْفِيفُ
[1] ما ذكره هو رأى الجمهور- و اختار السعد أن مبدأ كل من الجمعين ثلاثة و انتهاء القلة عشرة و لا نهاية للكثرة.