مِثْلُهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الغُدُوِّ و بِمَعْنَى الرُّجُوعِ وَ قَدْ طَابَقَ بَيْنَهُمَا فِى قَوْلِهِ تَعَالَى «غُدُوُّهٰا شَهْرٌ وَ رَوٰاحُهٰا شَهْرٌ» أَىْ ذَهَابُها و رُجُوعُهَا وَ قَدْ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ (الرَّوَاحَ) لَا يَكُونُ إِلَّا فِى آخِرِ النَّهَارِ وَ لَيْسَ كَذلِكَ بَلِ (الرَّوَاحُ) و (الْغُدُوُّ) عِنْدَ الْعَرَبِ يُسْتَعْمَلَانِ فِى الْمَسِير أَىَّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ قَالَهُ الْأَزْهَرِىُّ وَ غَيْرُهُ. وَ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة و السَّلَامُ «مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمْعَةِ فِى أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَهُ كَذَا»
أَىْ مَنْ ذَهَبَ. ثُمَّ قَالَ الْأَزْهَرِىُّ: و أَمَّا رَاحَتِ الْإِبِلُ فَهِىَ (رَائِحَةٌ) فَلَا يَكُونُ إِلَّا بِالْعَشِىّ إِذَا (أَرَاحَهَا) رَاعِيهَا عَلَى أَهْلِهَا يُقَالُ سَرَحَتْ بِالْغَدَاةِ إِلَى الرَّعْىِ و (رَاحَتْ) بِالْعَشِىِّ عَلَى أَهْلِهَا أَىْ رَجَعَتْ مِنَ الْمَرْعَى إِلَيْهِمْ وَ قَالَ ابْنُ فَارِس: (الرَّوَاحُ) رَوَاحُ العَشِىّ وَ هُوَ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى اللَّيْلِ.
و (الْمُرَاحُ) بِضَمِّ الْمِيمِ حَيْثُ تَأْوِى الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ و (الْمُنَاخُ) و (المأْوَى) مِثْلُهُ وَ فَتْحُ الْمِيمِ بِهَذَا الْمَعْنَى خَطَأٌ لِأَنَّهُ اسْمُ مَكَانٍ وَ اسْمُ الْمَكَانِ و الزَّمَانِ و الْمَصْدَرِ مِنْ أَفْعَلَ بِالْأَلِفِ مُفْعَلٌ بِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُول وَ أَمَّا (الْمَرَاحُ) بِالْفَتْحِ فَاسْمُ الْمَوْضِعِ مِنْ (رَاحَتْ) بِغَيْر أَلِفٍ وَ اسْمُ الْمَكَانِ مِنَ الثُّلَاثِىِّ بالْفَتْحِ و (الْمَرَاحُ) بِالْفَتْحِ أَيْضاً الْمَوْضِعُ الّذِى (يَرُوحُ) الْقَوْمُ مِنْهُ أَوْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ.
و (الرَّيْحَانُ) كُلُّ نَبَاتٍ طَيّبِ الرِّيحِ وَ لٰكِنْ إِذَا أُطْلِقَ عِنْدَ الْعَامَّةِ انْصَرَفَ إِلَى نَبَاتٍ مَخْصُوصٍ و اخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ كَثِيرُونَ: هُوَ مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ و أَصْلُهُ رَيْوَحَانٌ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ واوٍ مَفْتُوحَةٍ لٰكِنَّهُ أُدْغِمَ ثُمَّ خُفِّفَ بِدَلِيلِ تَصْغِيرِهِ عَلَى (رُوَيْحِينٍ). وَ قَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ مِنْ بَنَاتِ الْيَاءِ وَ هُوَ وِزَانُ شَيْطَانٍ وَ لَيْسِ فِيهِ تَغْيِيرٌ بِدَلِيلِ جَمْعِهِ عَلَى (رَيَاحِين) مِثْلُ شَيْطَانٍ وَ شَياطِينَ.
و (رَاحَ) الرَّجُلُ (رَوَاحاً) مَاتَ. و (رَوَّحْتُ) الدُّهْنَ (تَرْوِيحاً) جَعَلْتُ فِيهِ طِيباً طَابَتْ بِهِ (رِيحُهُ) (فَتَروَّحَ) أَىْ فَاحَتْ (رَائِحَتُهُ) قَالَ الْأَزْهَرِىُّ وَ غَيْرُهُ: و (رَاحَ) الشَّىءُ و (أَرْوَحَ) أَنْتَنَ فَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ (تَرَوَّحَ) الْمَاءُ بِجِيفَةٍ بِقُرْبِهِ مُخَالِفٌ لِهٰذَا. وَ فِى الْمُحْكَمِ أَيْضاً (أَرْوَحَ) اللَّحْمُ إِذَا تَغَيَّرَتْ. (رَائِحَتُهُ) وَ كَذٰلِكَ الْمَاءُ فَتَفْرُقُ بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْمَعْنَيَيْنِ و شَذَّ الْجَوْهَرِىُّ فَقَالَ (تَرَوَّحَ) الْمَاء إِذَا أَخَذَ رِيحَ غَيْرِه لِقُرْبِهِ مِنْهُ [1] وَ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّيحِ الطَّيِّبَةِ جَمْعاً بَيْنَ كَلَامِهِ وَ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَ (تَرَوَّحْتُ بِالْمِرْوَحَةِ) كَأَنَّهُ مِنَ الطِّيبِ لِأَنَّ الرِّيحَ تَلِينُ بِهِ وَ تَطِيبُ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ كَذٰلِكَ.
و (الرَّاحَةُ) بَطْنُ الْكَفِّ و الْجَمْعُ (رَاحٌ) و (رَاحَاتٌ) و (الرَّاحَةُ) زَوَالُ الْمَشَقَّةِ
[1] و تبعه صاحب القاموس فقال- و تروّحَ النَّبتُ طال و الماءُ أخذ ريح غيره لقُرْبِهِ مِنْهُ.