و (ذَوا عِلْمٍ) و (ذَوُو عِلْمٍ) و (ذَاتُ مَالٍ) و (ذَوَاتَا مَالٍ) و (ذَوَاتُ مَالٍ) فإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْوَصْفِيةِ نَحوُ ذَاتِ جَمَالٍ و ذَاتِ حُسْنٍ كُتِبَتْ بالتَّاءِ لأَنَّها اسْمٌ وَ الاسْمُ لَا تَلْحَقُهُ الْهَاءُ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَ الْمُؤَنَّثِ وَ جَازَ بِالْهَاءِ لأَنَّ فِيهَا مَعْنَى الصِّفَةِ فَأَشْبَهَ الْمُشْتَقَّاتِ نَحْوُ قَائِمَةٍ.
و قَدْ تجْعَلُ اسْماً مُسْتَقِلًّا فَيُعبَّرُ بِهَا عَنِ الْأَجْسَامِ فَيُقَالُ: (ذَاتُ الشَّىْءِ) بِمَعْنَى حَقِيقَتِهِ وَ مَاهِيَّتِهِ. و أمَّا قَوْلُهُمْ فِى (ذَاتِ اللّهِ) فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ فِي جَنْبِ اللّٰهِ و لِوَجْهِ اللّهِ وَ أَنْكَرَ بَعَضُهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِى الْكَلَامِ الْقَدِيمِ و لأَجْلِ ذٰلِكَ قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ [1] مِنَ النُّحَاةِ: قَوْلُ الْمتَكَلِّمِينَ (ذَاتُ اللّهِ) جَهْلٌ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُ لَا تَلْحَقُهَا تَاءُ التَّأْنِيثِ فَلَا يُقَالُ علَّامَةٌ وَ إِنْ كَانَ أَعْلَمَ الْعَالِمِينَ. قَالَ: وَ قَوْلُهُمُ الصِّفَاتُ (الذَّاتِيَّةُ) خَطَأٌ أَيْضاً. فَإنَّ النِّسْبَةَ إِلَى (ذَاتٍ) (ذَوَوِىٌّ) لِأَنَّ النِّسْبَةَ تَرُدُّ الاسْمَ إِلَى أَصْلِهِ.
وَ مَا قَالَه ابْنُ برْهَانٍ فِيمَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الصَّاحِبَةِ وَ الْوَصْفِ مُسَلَّمٌ. وَ الْكَلَامُ فِيمَا إِذَا قُطِعَتْ عَنْ هٰذَا الْمَعْنَى وَ اسْتُعْمِلَتْ فِى غَيْرِهِ بِمَعْنَى الاسْمِيَّةِ نحوُ (عَلِيمٌ بِذٰاتِ الصُّدُورِ)* و الْمَعْنَى عَلِيمٌ بِنَفْسِ الصُّدُورِ أَىْ بِبَوَاطِنِهَا و خَفِيَّاتِهَا و قَدْ صَارَ اسْتِعْمَالُهَا بِمَعْنَى نَفْسِ الشَّىءِ عُرْفاً مَشْهُوراً حَتَّى قَالَ النَّاسُ: (ذَاتٌ مُتَمَيِزَّةٌ) و (ذَاتٌ مُحْدَثَةٌ) و نَسَبُوا إِلَيْهَا عَلَى لَفْظِهَا مِنْ غَيْر تَغْيِير فَقَالُوا عَيْبٌ (ذَاتِيٌّ) بِمَعْنَى جِبِلّىٍّ و خِلْقِىٍّ و حَكَى الْمُطَرِزِىُّ عَنْ بَعْضِ الْأَئِمَةِ كُلُّ شَىْءٍ (ذَاتٌ) و كُلُّ ذَاتٍ شَىْءٌ و حَكَى عَنْ صَاحِبِ التَّكْمِلَةِ جَعَلَ اللّهُ مَا بَيْنَنَا (فِى ذَاتِهِ) و قول أبى تمام:
و يَضْرِبُ فِى ذَاتِ الإلهِ فَيُوجعُ
و حَكَى ابْنُ فَارِسٍ فِى مُتَخَيَّر الْأَلْفَاظِ قَوْله:
فَنِعْمَ ابْنُ عَمِّ الْقَوْمِ فِى ذَاتِ مَالِهِ * * *إِذَا كَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ فِى مَالِهِ كَلْباً
أَىْ فَنِعْمَ فِعْلُهُ فِى نَفْسِ مَالِهِ مِنَ الْجُودِ و الْكرمِ إِذَا بَخِلَ غَيْرُهُ. و قَالَ أَبُو زَيْد لَقِيتُهُ (أَوَّلَ ذاتِ يَدَيْنِ) أَىْ أَوَّلَ كُلِّ شَىْءٍ: (و أمَّا أَوَّلُ ذَاتِ يَدَيْنِ فَإنى أَحْمَدُ اللّه) أىْ أَوَّلُ كُلِّ شَىءٍ و قَالَ النَّابغَةُ:
مَجَلَّتُهُمْ ذَاتُ الإلٰهِ وَ دِينُهُمْ * * *قَوِيمٌ فَمَا يَرْجُونَ غَيْرَ الْعَوَاقِبِ
الْمَجَلَّةُ بِالْجِيمِ الصَّحِيفَةُ أىْ كِتَابُهُمْ عُبُودِيَّةُ نَفْسِ الالٰهِ: وَ قَالَ الْحُجَّةُ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى «عَلِيمٌ بِذٰاتِ الصُّدُورِ»* (ذَاتُ الشَّىء) نَفْسُهُ و الصُّدُورُ يُكْنَى بِهَا عَنِ الْقُلُوبِ و قَالَ أَيْضاً فِى سُورَةِ السَّجْدَةِ و (نَفْسُ الشَّىءِ) و (ذَاتُهُ) و (عَيْنُهُ) هؤلَاءِ وَصْفٌ لَهُ و قَالَ الْمَهْدَوِىُّ فِى التَّفْسِيرِ النَّفْسُ فِى اللُّغَةِ عَلَى
[1] ذكره القاموس فى (برهن) فوزنه فعلال فيصرف.