لفعل ضدّه لم يكن فعل الضدّ مقدمة لترك ضدّه، لأنّه يمكن أن يفعل الضدّ و مع هذا لم يترك الضدّ أيضا.
و أمّا ما قالوا من أنّ بعد كون التخلّص واجبا يجب الخروج لأنّه مقدمة للتخلّص فليس بسديد، حيث إنّه لا دليل على وجوب التخلّص، لأنّ ما كان في البين هو حرمة التصرّف في مال الغير، و أمّا وجوب التخلّص فلا دليل عليه إلّا من باب أنّ لازم حرمة التصرّف يكون هو وجوب التخلّص كما قال بعض من أنّ الوجوب مثلا عبارة عن طلب الفعل و المنع من الترك و كذا الحرمة و سائر الأحكام، و لكن قلنا لك في المباحث السابقة: إنّ الوجوب و غيره من الأحكام يكون أمرا بسيطا، و لكن بالمسامحة يقول كذلك، فليس الوجوب إلّا طلب الفعل مثلا و لكن بالمسامحة يقولون بأنّ من طلب شيئا لم يكن راضيا بتركه.
و أمّا بيان الوجوب النفسي و أن يكون الخروج واجبا نفسيا فهو إنّه إمّا أن يقال بأنّ الخروج هو نفس التخلّص و أنّ التخلّص عن مال الغير يكون واجبا و إمّا أن يقال بأنّ تخلية مال الغير واجب و التخلية هي عين الخروج، و هذا أيضا فاسد، لما قلنا من أنّه لم يكن دليل في البين على وجوب التخلّص أو التخلية.
ثم إنّه لا يخفى عليك أنّه بعد تسليم أنّه لم يكن بعد الاضطرار و لو كان بسوء الاختيار الخروج فعلا منهيا عنه، و لكن يكون النزاع في أنّه هل يكون في حال الاضطرار منهيا عنه بالنهي السابق، أو يكون مأمورا به، أو يكون منهيا عنه بالنهي السابق و مأمورا به؟
أمّا صاحب الفصول فقال بالأخير و قال بأنّه قبل الخروج يكون منهيا عنه، و بعد الخروج يصير مأمورا به كما تبدّل العنوان مثل الحاضر و المسافر، و لكن قد أجاب عنه المحقّق الخراساني بأنّ هذا لا يمكن لأنّه لا يكفي الحكمين المتغايرين بالشيء الواحد و لو كان زمانهما مختلفا فلا يمكن أن يقال هنا: إنّه قبل زمان الدخول كان