المعروف في ألسنة القدماء أنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات و تمايز الموضوعات بتمايز الحيثيات، و أورد على هذا الكلام صاحب الفصول (رحمه اللّه) بأنّ المراد من الحيثية التي قالوا بكون تمايز الموضوعات بها إن كانت حيثية تعليلية فلازم ذلك هو كون المحمولات علّة للموضوعات، مثلا موضوع علم النحو إن كان هو الكلمة و الكلام من حيث الاعراب و البناء و في مقابله موضوع علم الصرف أيضا هو الكلمة و الكلام غاية الأمر بحيثية اخرى و هي الإعلال و البناء، و كذلك موضوع علم البيان هو الكلمة و الكلام من حيث الخطابة و البلاغة، فان كانت هذه الحيثيات حيثيات تعليلية فلازمه هو كون المحمولات علّة للموضوعات، فتكون الكلمة مثلا هي الموضوع من حيث الاعراب و البناء، و الكلمة هي عين موضوعات المسائل، فيكون الفاعل هو الموضوع من حيث كونه مرفوعا فيكون مرفوع في مسألة «الفاعل مرفوع» هو العلّة للفاعل؛ لأنّ الفاعل بهذه الحيثية موضوع يعني متّحد مع الموضوع، و هذا فاسد.
و إن كانت الحيثية حيثية تقييدية فلازم ذلك كون الموضوع مقيّدا بهذه الحيثية موضوعا، و لازم ذلك هو كون الكلمة مثلا مقيدة بحيثية الإعراب و البناء موضوعا