ثم ان ملاك الاختيار الّذي به يصير الفعل اختياريا يمكن المؤاخذة عليه أو اعطاء الاجر به هو كون الفعل تحت القدرة بحيث ان شاء فعل و ان لم يشأ لم يفعل و بهذا الملاك يصير كثير من الافعال صادرة عن الاختيار، فإنّا نري بالبداهة و الوجدان الفرق بين حركة يد المرتعش و بين حركة يد السالم، فالاولى تسمى غير اختيارية و الثانية تسمى اختيارية، و ليس الوجه فيه إلّا ان المرتعش الاعضاء لم يقدر علي حفظ يده عن الحركة و لا يصدق فيه هذه القضية الشرطية ان شاء فعل و ان لم يشاء لم يفعل بخلاف السالم، و بالجملة بعين الوجه الّذي ينسب افعال الخالق الى الاختيار ينسب افعال المخلوق اليه، و من المعلوم أنّه ليس الوجه في ذلك إلّا أنّه تعالى قادر ان اراد شيئا فعله و ان لم يشأ لم يفعله و هو بعينه موجود في افعال العباد فانقدح ان كل ما يصدق فيه هذه القضية الشرطية يسمّى فعلا اختياريا صح المؤاخذة و العقاب و الاجر و الثواب بالنسبة اليه و كل ما لا يصدق فيه يسمّى فعلا غير اختياري لا يصح فيه ذلك و بذلك يرتفع شبهة القائلين بالجبر و لا يرتبط الكلام في ذلك إلى مسألة اتحاد الطلب و الارادة أو مغايرتهما و من اللّه الهداية و عليه التكلان.
بحث و تحصيل
ثم ان كثيرا من القائلين باتحاد الطلب و الارادة النافين لغير الصفات المشهورة ذهبوا إلى ان الارادة مدلول للامر، كما يري ذلك بملاحظة المراجعة إلى كلماتهم و النقض و الابرام الواقعين فيها فما عن «الكفاية» من ان غرض اصحاب الاتّحاد ليس كون الارادة مدلولا للامر ليس في محله، فإنّه صرّح بعضهم بدلالة الصيغ الانشائية علي الارادة و لذا اورد عليه بان صيغة افعل ليست مترادفة مع الارادة، فما معنى كونها بمعناها و اجيب بالنقض بان القائلين بدلالة الصيغ علي الطلب يلزمهم الاشكال بان الصيغة ليست مترادفة مع مفهوم الطلب أيضا و بالحل بان المراد ليس دلالة الصيغة علي مفهوم الارادة بل علي ما كانت بالحمل الشائع إرادة فلا يرد الاشكال و بالجملة هذا الرد و الايراد من اقوى