يختلط بالثقافة القومية كيفما كانت ، ويتأثّر منها ويؤثّر فيها نوعاً ما ، بل السبب فيه : أنّ شأن الدين الإسلامي خلق الثقافة العالمية ، وهو في صلب رسالته السماوية المبتنية على تخلية الإنسان من الثقافة التي لا تنبغي ، وتحليته بما ينبغي له من الثقافة التي هو فاقد لها ، وإقراره على ما هو عليه من الثقافة التي تنبغي له . وأمّا الدين الذي لا يمس ثقافات الأُمم ، ويوافقهم على ما هم عليه من الأفكار المختلفة ، فهو الدين الذي لا يفيد إلاّ مرّة في الأُسبوع في الكنيسة .
3 ـ إنّ الآية الكريمة ( إنّا خلقناكم من ذكر وأُنثى .... ) ليس معناها أنّا خلقناكم من جنسين ، حتى يقال إنّ التقسيم الأول في الآية هو التقسيم إلى الجنسين ، وقد أتى بعده مباشرة التقسيم حسب القوميات ، الأمر الذي يفيد ما قيل من أنّ الاختلاف الجنسي أمر طبيعي وعلى أساس إثباته تنظيم الإيديولوجية المرتبطة به ، فكذلك الاختلاف القومي . بل معنى الآية إنّا خلقناكم من رجل وامرأة سواء كان المراد منهما آدم وحواء ، فالمقصود أنّ جميع أفراد البشر ينسلون من أب واحد وأُم واحدة ، أم كان المراد أنّ جميع أفراد الإنسان مشتركون في هذه الجهة ، وهي أنّ لكل واحد أب وأُم ، فلا امتياز بينهم من هذه الجهة .
4 ـ إنّ قوله تعالى ( لتعارفوا ) في الآية الكريمة الذي ذكر بعنوان الغاية لما قبله ، ليس معناه أنّ الشعوب إنّما خُلقت مختلفة ليعرف كل منها الآخر ، حتى يستنتج أنّها يجب أن تبقى مستقلّة في شخصيتها القومية لتمكن المعرفة المتقابلة ؛ إذ لو كان كذلك لقال : ( ليتعارفوا ) بدل قوله : ( لتعارفوا ) بصيغة الخطاب ، إذ المخاطب هو الناس لا الشعوب . إذن فالمراد أنّ الانشعاب إلى القبائل والشعوب إنّما وُجد