responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 34

وإذا قبلنا النظرية الثالثة فلابد أن نلتزم ـ أولاً ـ بثبوت قوانين وسنن خاصة بالمجتمع مستقلّة عن الأفراد ؛ وذلك لأنّ مقتضى هذه النظرية ثبوت حياة مستقلّة للمجتمع ، وإن كان محل هذه الحياة الاجتماعية نفس الأفراد فليس لها وجود مستقل .

وثانياً : بأنّ أجزاء المجتمع ( الأفراد ) ـ خلافاً للنظرية السابقة ـ تفقد استقلالها الذاتي ولو نسبياً ، وتحصل لها حالة الانتماء إلى الكل ، وفي نفس الوقت تحفظ استقلالها النسبي ، فإنّ حياة الفرد ومواهبه الفطرية ومكتسباته من الطبيعة لا تنحل نهائياً في الحياة الاجتماعية . فالواقع أنّ مقتضى هذه النظرية أنّ الإنسان يعيش بحياتين وروحين ونفسين : حياة وروح ونفس فطرية إنسانية ناشئة من الحركة الجوهرية في الطبيعة ، وحياة وروح ونفس اجتماعية ناشئة من التمدّن والحياة ضمن المجتمع . والحياة الثانية حالة في الحياة الفردية ؛ وعليه فالإنسان محكوم بقوانين علم النفس ، كما أنّه محكوم بقوانين علم الاجتماع . وأمّا بناءاً على النظرية الرابعة فالإنسان ، بما هو إنسان ، محكوم بنوع واحد من القوانين والسنن ، وهي القوانين الاجتماعية .

ولعلّ أول مَن صرّح من علماء المسلمين ، باستقلال القوانين والسنن الحاكمة على المجتمع عن السنن والقوانين الحاكمة على الأفراد ، وقال باستقلال المجتمع في شخصيّته وطبيعته وواقعيّته هو ( عبد الرحمان بن خلدون التونسي ) حيث بحث عنه بإسهاب في مقدمته على تاريخه .

وأول مَن حاول اكتشاف السنن الحاكمة على المجتمعات من بين علماء العصر ، هو مونتسكيو الفرنسي من علماء القرن الثامن عشر الميلادي .

قال ريمون آرون بشأن مونتسكيو :

( إنّ هدفه التفسير الصحيح للتاريخ ودرك معطيات التاريخ . فإنّ

اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست