responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 313

يختلف عن البحوث العلمية في مجالات العلوم الطبيعية التي يستخلصها العالم الفيزيائي ـ مثلاً ـ من تجاربه العملية في المختبر .

فالباحث التأريخي والعالم الفيزيائي وإن كانا يلتقيان عند نقطة واحدة ، وهي : أنّ كلاً منهما يتناول مجموعة من الظواهر ـ ظواهر المجتمع البشري كالدولة والأفكار والملكية ، أو ظواهر الطبيعة كالحرارة والصوت والنور ـ ويحاولان تنظيم تلك الظواهر بصفتها موادَّ للبحث ، واستكشاف أسبابها ، والعوامل الأساسية فيها ... غير أنّهما يختلفان في موقفهما العلمي من تلك الظواهر موضوعة الدرس .

ومرد اختلافهما إلى سببين : فإنّ الباحث التأريخي الذي يريد أن يفسّر المجتمع البشري ونشوءه وتطوّره ومراحله ، في ضوء الظواهر التاريخية والاجتماعية ، لا يستطيع أن يتبيّن هذه الظواهر بصورة مباشرة ، كما يتبين العالم الفيزيائي ٍظواهر الطبيعة التي يدرسها في مختبره الخاص ، وإنّما هو مضطر إلى تكوين فكرة عنها ترتكز على النقل والرواية ، وشتى المخلوقات العمرانية وغيرها من الآثار ، ذات الدلالة الناقصة . فالفرق إذن كبير جداً بين الظواهر الطبيعية التي يرتكز عليها البحث العلمي في العلوم الطبيعية بصفتها المواد الرئيسية له ، وبين الظواهر التأريخية التي يقوم على أساسها البحث التأريخي بصفتها موادَّ أولية له . فالمواد في العلوم الطبيعية ظواهر معاصرة للعالم الطبيعي ، موجودة في مختبره ، يستطيع مشاهدتها وتسليط الضوء العلمي عليها ، وبالتالي وضع تفسير كامل لها .. وعلى العكس من ذلك تماماً المواد التي يملكها الباحث التأريخي ؛ فإنّه لدى محاولة استكشاف العوامل الأساسية في المجتمع وكيفية نشوئه وتطوّره ، مضطرٌ إلى الاعتماد في تكوين مواد

اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى    الجزء : 1  صفحة : 313
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست