الكيمياوية ، فيتفاعل غاز الأوكسجين وغاز الهيدروجين يتولّد حادث جديد أو ماهيّة جديدة هو الماء ، وله خصائص وآثار لا توجد في الغازين المذكورين ؛ إذن فالتركيب الحقيقي يستلزم أن تفقد الأجزاء ـ التي تشكّل المركّب بعد التركيب والاندماج ـ خصائصها وآثارها فتنحل في وجود آخر هو المركّب .
وهذه الميزة ليست في تركيب المجتمع من الأفراد ، فأفراد الإنسان لا يندمجون مع البعض في ( كل ) هو المجتمع . إذن فالمجتمع ليس له وجود أصيل عيني حقيقي ، بل وجوده اعتباري وانتزاعي ، والأصيل هنا هو الفرد . وحياة الإنسان في المجتمع وإن كانت حياة اجتماعية إلاّ أنّ الأفراد لا يشكّلون مع بعض مركّباً حقيقياً بعنوان المجتمع .
ب ـ إنّ المجتمع وإن لم يكن مركّباً حقيقياً على غرار المركّبات الطبيعية إلاّ أنّه مركّب صناعي ، وهو أيضاً من قبيل المركّبات الحقيقية .
فهو نظير تركّب السيارة ـ مثلاً ـ فإنّ أجزاءها مترابطة أيضاً . والفرق بينها وبين المركّب الطبيعي أنّ الأجزاء في المركّب الطبيعي تفقد هويّتها وتنحل في الكل ، وتبعا ًلذلك فقد تفقد الاستقلال في التأثير بالضرورة .
ولكنّ المركبات الصناعية ليست كذلك ، فالأجزاء لا تفقد هويّتها ، ولكن لا تستقل في التأثير فهي مترابطة بوجه خاص وآثارها أيضاً مترابطة ، إلاّ أنّ ما يبرز من أثر المجموع ليس هو بعينه مجموع آثار الأجزاء كلاًّ على حدة . فالسيارة ـ مثلاً ـ تنقل الأشخاص والأمتعة بسرعة معيّنة إلى مكان ما في حين أنّ هذا الأثر ليس لجزء خاص من السيارة بعينه ، ولا هو مجموع آثار الأجزاء لو كانت تؤثّر مستقلاً دون ارتباط . ففي تركيب السيارة ، نجد الارتباط والمشاركة في التأثير بين الأجزاء على سبيل الجبر ،