اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 538
أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ[1] فأجابها ربها و لبّاها مولاها و قال: لأجبرن كسرك، و لأشدّن و هنك، و لأقوين ضعفك بأن أجعل من ضعيف نسجك، و قليل صنعك آية مشهورة تذكر على طول الزمان، و يتعجب منها أهل الإيمان؛ بأن أتخذ من ذلك حصنا حصينا و حرزا منيعا على أكرم خليقتى، و خير بريتى محمد عبدى و رسولى، و حبيبى و خليلى، لا يخرق ذلك الحجاب خوارق الرماح، و لا يقطعه قواطع الصفاح، و لا تزلزله عواصف الرياح، يكون له مبتدأ الانتصار، و لك به أنواع من الافتخار. فسكنت، و شكرت للّه.
و رحم اللّه القائل فى حقها:
ودود القز إن نسجت حريرا * * * يجلّ لباسه عن كلّ شيء
فإنّ العنكبوت أجلّ منها * * * بما نسجت على رأس النبيّ
و قيل: إن اللّه أنبت على باب الغار الرّاءة، بالراء المهملة و المدّ و الهمزة:
شجرة معروفة، و هى «أم غيلان»، مثل قامة الإنسان، لها خيطان، و زهر أبيض يحشى به «المخاد» بالميم و الخاء المعجمة و الدال المهملة؛ جمع مخدة، و هى الوسادة، فيكون فى الوسادة كالريش لخفته و لينه- فحجبت عن الغار أعين الكفار.
و قيل: إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم دعا تلك الشجرة، و كانت أمام الغار فأقبلت حتى وقفت على باب الغار، و بعث اللّه العنكبوت فنسجت ما بين فروعها.
و أخرج أبو نعيم فى «الحلية»، عن عطاء بن ميسرة قال: نسجت العنكبوت مرتين: مرة على داود حين كان طالوت يطلبه، و مرة على النبيّ صلى اللّه عليه و سلم فى الغار [2].
و فى «المواهب»: و كذا نسجت على الغار الذي دخله عبد اللّه بن أنيس لما بعثه صلى اللّه عليه و سلم لقتل خالد بن نبيح الهذلى، فقتله، ثم حمل رأسه و دخل فى غار؛