اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 130
(وصبا) أى مال فرحا و سرورا (كلّ صبّ) بفتح الصاد: العاشق (لهبوب) من حيث الدراية يصح قراءة أوله بالضم و الفتح فعلى الأول يكون مصدرا قياسيّا لهبّ إذ هو لازم مضموم العين فى المضارع، قال فى «الخلاصة»:
و فعل اللازم مثل قعدا * * * له فعول باطراد كغدا
و على الثانى من أبنية المبالغة المذكورة فى قوله:
فعال أو مفعال أو فعول * * * فى كثرة عن فاعل بديل
فإضافته تكون على الأول حقيقية على معنى اللام، و على الثانى بيانية، و أما الرواية فغير معلومة (صباه) بفتح المهملة و هى الريح الطيبة التي تهب من شرقى الأفق. و فى كلامه استعارة بالكناية و تخييل؛ حيث شبهه صلى اللّه عليه و سلم بمطلع الشمس بجامع أن كلّا محل لظهور الأنوار، و استعار الصّبا لإمارة الحمل به و إشاعته تخييلا و رشحها بالهبوب، و المعنى اشتاق كل محب شديد المحبة مستنشقا شذا عرفه المسكىّ لظهور حمله صلى اللّه عليه و سلم.
و الضمير فى صباه للنبى صلى اللّه عليه و سلم، قال بعضهم: و لا يخفى ما فى تخصيص ريح الصّبا بالذكر من المناسبة الظاهرة من حيث أنها تصبو إلى تجاه الكعبة التي هى أعظم مكان فى مكة التي هى محل حمله و ولادته صلى اللّه عليه و سلم بل هى أعظم بقاع الدنيا بعد البقعة التي ضمت أعضاءه صلى اللّه عليه و سلم، و فيه نظر لما سيأتى من أن مواضع أجساد الأنبياء أشرف منها.
فائدة
و هى أن الريح إذا هبت من تجاه الكعبة فالصّبا، و هى حرة يابسة تهب من المشرق، تنفع الأبدان، و تهيج الأشواق إلى الأحباب و الأوطان، أو من ورائها فالدّبور و هى باردة رطبة، أو من يمينها فالجنوب و هى حارة رطبة، أو من شمالها فالشمال- بفتح الشين- و هى باردة يابسة، و هى ريح الجنة التي تهب عليهم، و قد نظم ذلك بعضهم فى قوله:
اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 130