(أحدهما): أنّهم قالوا: لو أراد اللّه من الآية مودّة القربى، لقال: «إلّا مودة القربى»، أو «إلّا المودة للقربى».
و الجواب: أنّ هذا تغافل عمّا لا يغفل عنه ذو حظّ من فهم، و تجاهل بما لا يجهله الخبير بمواقع الكلام، لأنّ الإضافة و اللام هنا لا يفيدان ما أفادته (في) من المبالغة بمودّة القربى [1] بجعلهم موضع الود و الموالاة، كما يعلمه جهابذة الكلام العربي، و يشهد به أئمة البلاغة.
قال الزمخشري في كشافه بعد تفسير القربى بمن ذكرناهم عليهم السّلام.
فان قلت: فهلّا قيل: «إلّا مودة القربى»، أو «إلّا المودة للقربى»، و ما معنى قوله: إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى؟
قلت: جعلوا مكانا للمودّة و مقرا لها، كقولك: «لي في آل فلان مودّة، و لي فيهم هوى و حبّ شديد» تريد أحبّهم، و هم مكان حبّي و محلّه.
و ليست (في) بصلة المودّة كاللام، إذا قلت: «إلّا المودة للقربى».
إنّما هي متعلقة بمحذوف تعلّق الظرف به، في قولك: المال في الكيس، و تقديره «إلّا المودة ثابتة في القربى»، و متمكنة فيه [2].
[1] قال النبهاني حيث أورد الآية في «الشرف المؤبد»: القربى مصدر بمعنى القرابة، و هو على تقدير مضاف، أي: ذوي القربى، يعني: الأقرباء.
«قال»: و عبر «بفي»، و لم يعبر «باللام»، لأنّ الظرفية أبلغ و آكد للمودة، ا ه.