أما خدماته المناضلة ضد الاستعمار الأجنبي، فحدّث عنها و لا حرج، و لا يتسع مجالنا هذا لتفصيل القول في ذلك النضال، و لكن بوسعي أن أقول لك بكلمة مجملة: أن خدماته العظيمة في العهد التركي، ثم في العهد الفرنسي، ثم في أيام الاستقلال، كانت امتدادا لحركات التحرير، و ارتقاء بها نحو كل ما يحقق العدل و يوطد الأمن، و ينعش الكافة على أن السلطات في العهود كلها لم تأل جهدا في مقاومته، و مناوأة مشاريعه بما تقاوم به السلطات الجائرة من الدس و الاضطهاد و قتل المصالح، و لعل المحن التي كابدها هذا الإمام الجليل في سبيل إسعاف قومه، لم يكابد نارها إلّا أفذاذ من زعماء العرب و قادتهم، ممّن ابلوا بلاءه و عانوا عناءه.
و ناهيك بما فاجأته به سلطة الاحتلال الفرنسي حين ضاقت به ذرعا، إذ أو عزت الى بعض جفاتها الغلاظ باغتياله، و أقتحم ابن الحلاج عليه الدار في غرة، و هو بين أهله و عياله، دون أن يكون لديه أحد من أعوانه و رجاله، و لكن اللّه سبحانه و تعالى أراد له غير ما أرادوا، فكف أيديهم عنه، ثم تراجعوا عنه صاغرين يتعثرون بأذيال الفشل و الهوان، و ما يكاد يذيع نبأ هذه المباغتة الغادرة في «عاملة»، حتى خفت جماهيرهم الى «صور»، تزحف إليها من كل صوب و حدب، لتأتمر مع سيّدنا فيما يجب اتخاذه من التدابير إزاء هذا الحدث، غير أنّ السيّد صرفهم بعد أن شكرهم، و أجزل شكرهم، و ارتأى لهم أن يمروا بالحادث كراما.
ثم تلا هذا الحادث أحداث و أحداث اتسع فيها الخرق، و انفجرت فيها شقة