ومعه لا حاجة في تقديم النهي إلى وجه آخر ثبوتي راجع لترجيح النهي بالأهمية أو نحوه، أو إثباتي راجع لترجيح دليله، وإن أطال في ذلك غير واحد.
أما في صورة عدم المندوحة وانحصار امتثال الأمر بالمجمع فيلزم التزاحم بين الحكمين، ويتعين تقديم الأهم منهم، على ما هو المقرر في التزاحم. ولا مجال للترجيح بين الدليلين، لأنه فرع التعارض، وقد سبق خروج المورد عنه.
الكلام في العبادات المكروهة
(الأمر الثاني):أشرنا في آخر المقام الأول إلى استدلال بعضهم على جواز اجتماع الأمر والنهي بالعبادات المكروهة، كالصلاة في الحمام، وصوم يوم عاشوراء، وغيرهم. وتقريبه: أن وجه تضاد الأحكام لا يختص بالوجوب أو الاستحباب مع الحرمة، بل يجري في الوجوب أوالاستحباب مع الكراهة أيض، فلوكان مانعاًمن اجتماع الحكمين في محل الكلام لامتنعت كراهة العبادة، لتقوم العبادة بالأمر، فيلزم اجتماع الكراهة مع الوجوب أو الاستحباب، مع أنه لا إشكال في إمكانه، بل ثبوتها في الجملة.
لكن لا مجال للاستدلال المذكور، لأن من العبادات المكروهة عندهم ما ينحصر امتثال أمره بالفرد، كصوم التطوع يوم عاشوراء، مع وضوح امتناع اجتماع الأمر والنهي فيه لو كانا لزوميين. بل يتحد في كثير منها منشأ انتزاع العنوانين المتعلقين للأمر والنهي وإن اختلفا بالإطلاق والتقييد، ككراهة الصلاة في الحمام مع وجوب أو استحباب الصلاة مطلق، وقد سبق بناؤهم فيه على التنافي بين الحكمين والتعارض بين الدليلين مطلقاً وخروجه عن مسألة اجتماع الأمر والنهي.
ومن هنا يلزم النظر في العبادات المكروهة، وتوجيه الجمع فيها بين