في سائر موارد التزاحم بين التكليفين تحريميين كانا أو وجوبيين أو مختلفين.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه قد تقرر في محله أنه مع تزاحم التكليفين في مقام الامتثال فمع عدم المرجح لأحدهما يتعين امتثال أحدهما تخيير، ومع وجوده يتعين امتثال الراجح. ومرجع ذلك إلى تصرف صاحب التكليف وجاعله - مع التفاته - في تكليفه بنحو يقتضي ذلك.
أما التخيير مع عدم المرجح فسوف يتضح الحال فيه ممايأتي في صورة الترجيح إن شاء الله تعالى. وأما تعين الراجح مع وجوده، فهو يبتني على بقاء الراجح على إطلاقه وتقييد المرجوح بحيث لايصلح لمزاحمته في مقام الامتثال. وقد وقع الكلام في كيفية التقييد.
ولعل المعروف سابقاً كونه بنحو يقتضي قصور المرجوح عن صورة المزاحمة، فما دام الراجح فعلياً لايكون المرجوح فعلي، ولازم ذلك تعذر قصد الامتثال بموافقة المرجوح، لسقوطه بسبب المزاحمة.
لكن ذكر جماعة أن التقييد ليس بالنحو المذكور، بل بنحو يقتضي قصور المرجوح عن مزاحمة الراجح، مع فعليته على تقدير عصيان الراجح، بحيث لو عصي الراجح وجيء بالمرجوح كان أمره فعلياً وأمكن قصد امتثاله به. وهو المعروف بالأمر به بنحو الترتب، أو بالأمر الترتبي.
وقد يوجه بما ذكره المحقق التقي(قده) في حاشيته على المعالم، وهو أن يكون التكليف المرجوح مشروطاً بعصيان الراجح بنحو الشرط المتأخر، بحيث يكون عصيان الراجح في وقته مستلزماً لفعلية المرجوح من أول الأمر، فمع عصيان الراجح يجتمع التكليفان في مقام الفعلية من أول الأمر، الراجح لإطلاقه، والمرجوح لتحقق شرطه - وهو عصيان الراجح - في وقته. وحينئذٍ