وقد جرى الأصوليون على التفريق بين الأوامر والنواهي وتخصيص كل منهما بمقصد يخصه، مع أن النواهي تشارك الأوامر في جلّ المباحث المذكورة في مقصدها أو تقابلها فيه، ولذالم يذكروا أكثر تلك المباحث في مقصد النواهي اكتفاء بما ذكروه في مقصد الأوامر. ومن هنا كان الأنسب ما جرينا عليه من جمعهما في مقصد واحد، مع تعميم موضوع البحث لهما في مورد الاشتراك، وتخصيصه بأحدهما في مورد الانفراد.
مقدمة
حقيقة التقابل بين الأمر والنهي
الظاهر أن الأمر والنهي متقابلان مفهوماً واقتضاء، فالأمر نحو نسبة وإضافة بين الآمر والمأمور والماهية المأمور بها تقتضي تحقيق المأمور للماهية المأمور بها وإيجادها في الخارج، والنهي نحو نسبة وإضافة بين الناهي والمنهي والماهية المنهي عنها تقتضي ترك المنهي للماهية المنهي عنه. فتقابلهما بلحاظ سنخهما وأثرهم، نظير تقابل الإرادة والكراهة في حقيقتهما ونحو اقتضائهما للمراد والمكروه.
وقد يظهر من بعض عباراتهم اتحاد نحو النسبة فيهما وأن التقابل بينهما إنما هو في المتعلق، فقد ذكروا في بيان مفاد النهي أنه لا فرق بينه وبين الأمر إل