responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 590

تناكر و قال بعض الفضلاء المعاصرين الحق جواز التقليد مطلقا سواء كان عامّا بحتا أو عالما بطرق من العلوم للإجماع المعلوم بتتبع حال السّلف من الإفتاء و الاستفتاء و تقريرهم و عدم إنكارهم و المدعى في كلماتهم و صرّح بالإجماع السيّد المرتضى و غيره من علماء الخاصة و العامة و قال الآمدي في الإحكام لم تزل العامة في زمن الصحابة التابعين قبل حدوث المخالفين يستفتون المجتهدين و يتبعونهم في الأحكام الشرعية و العلماء منهم يبادرون إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر الدليل و لا ينهونهم عن ذلك من غير نكير فكان إجماعا على جواز اتباع العامي للمجتهد مطلقا و قال العضدي في شرح المختصر لم تزل العلماء يستفتون فيفتون و يتبعون من غير إبداء المستند و شاع و ذاع و لم ينكر عليهم فكان إجماعا انتهى لا يقال لا نسلم الإجماع و كيف يسلّم و الحال أن جمعا من أعيان علماء الطّائفة صاروا إلى عدم جواز التقليد و العمل بقول المفتي و منهم من صرّح بمنع الإجماع المدعى على ذلك و هو ابن زهرة فإنه قال في الغنية لا يجوز للمستفتي تقليد المفتي لأن التقليد قبيح و لأنّ الطائفة مجمعة على أنه لا يجوز العمل إلا بعلم و ليس لأحد أن يقول قيام الدليل و هو إجماع الطائفة على وجوب رجوع العامي إلى المفتي و العمل بقوله مع جواز الخطاء عليه يؤمن من الإقدام على القبيح و يقتضي استناد عمله إلى العلم لأنا لا نسلم إجماعهم على العمل بقوله مع جواز الخطاء عليه كيف و هو موضع الخلاف بل إنما أمروا برجوع العامي إلى المفتي فقط و أما ليعمل بقوله فلا فإن قيل فما الفائدة في رجوعه إليه إذا لم يجز العمل بقوله قلنا الفائدة في ذلك أن يصير له بفتياه و فتيا غيره من علماء الإمامية سبيل إلى العلم بإجماعهم فيعمل بالحكم على يقين يبين صحة ذلك أنهم أجمعوا على أنه لا يجوز الاستفتاء إلا من إمامي المذهب و إنما خطروا استفتاء من الإمامي لتقليده لم يكن فرق بينه و بين مخالفة الذي لا يؤمن أن يكون فتياه بغير الحق لارتفاع عصمته و لأن مخالفته بجواز أن يفتيه بمطابقة الحق و موافقته فثبت أنهم إنما أمروا برجوع المستفتي إلى فقهاء الإمامية ليحصل لهم العلم بإجماعهم على الحكم فيقطع على صحته انتهى لأنا نقول لا نمنع مخالفة الجماعة بنفسها عن تحقق الإجماع بناء على ما هو التحقيق من أنّ الإجماع لكونه كاشفا عن قول المعصوم (عليه السلام) لا يشترط فيه اتفاق الكل و مع هذا فقد يمنع من مخالفة الجماعة لبعد مصير مثلهم إلى القول بوجوب تحصيل العلم أو الاجتهاد في فروع الدين لأن فساده في غاية الوضوح و لأن جماعة من محققي أصحابنا كالفاضلين و السيّد عميد الدّين و غيرهم لم ينسبوا القول المذكور إلى أحد من الإمامية و لو كان فقهاء حلب أو نحوهم من صار إليه لاطلعوا عليه و لصرحوا به و تفرّد الشهيد بالاطلاع في غاية الغرابة و لو جمع بين هذا و عدم حكاية من تقدم ذلك بأن فقهاء حلب صاروا إليه ثم عدلوا عنه كان وجيها هذا و مما يؤيّد ما ذكرناه عدم نقل القول المذكور عن الإمامية أو عن بعضهم أحد من الأصوليين من العامة على الظاهر و عده من مطاعنهم كما نسب بعضهم القول بعدم حجية خبر الواحد إليهم و جعلوه من مطاعنهم لأن القول المذكور لو كان للإمامية أو لبعضهم لصحّ عده من المطاعن و لو بزعمهم و بالجملة الإجماع إحدى الحجج على المختار سواء استفدته من السّيرة أو من فتاوى معظم الأصحاب مع دعوى جملة منهم إياه و يمكن استفادته بطريق آخر و هو أن يقال كل من قال بوجوب الاجتهاد على النحو المقرّر في كتب القوم أو بحجية خبر الواحد أو الاستصحاب أو الشهرة أو الاستقراء أو بأصالة حجيّة كلّ ظن قال بجواز التقليد فالفرق خرق للإجماع المركب و الأول حق فيكون الثاني حقا أيضا فتأمل و بالجملة الإجماع في هذه المسألة يمكن تقريره بوجوه عديدة و إن كان في بعضها إشكال

الثاني

أنه لو لم يجز التقليد للعامي لوجب عليه إما تحصيل العلم بالأحكام الشّرعية كما هو خيرة بعض أو الاجتهاد فيها كما هو خيرة آخر و التالي بقسميه باطل فالمقدم مثله أما الملازمة فواضحة و أما بطلان التالي بقسميه فلأن وجوب كلّ من الأمرين مستلزم للحرج العظيم بل للتكليف بما لا يطاق و هما منفيان شرعا و قد تمسّك بهذه الحجة جماعة ففي المعارج لو وجب على العامي النظر في أدلّة الفقه لكان إما قبل وقوع الحادثة أو عندها و القسمان باطلان أما قبلها فمنفي بالإجماع و لأنه يؤدي إلى استيعاب وقته بالنظر في ذلك فيؤدي إلى الضرر بأمر المعاش المضطر إليه و أما عند نزول الواقعة فذلك متعذر لاستحالة اتصاف كل عامي عند نزول الحادثة بصفة المجتهدين لا يقال هذا لازم في المسائل الاعتقادية مع أنه لا يسوغ فيها التقليد لأنا نقول تلك حصولها سهل بأوائل الأدّلة و هي عقائد مضبوطة و ليس كذلك الفقه و حوادثه لانتشارها و انفراد كل مسألة فيها بدليل على حيالها و في المبادي في مقام الاحتجاج على المختار و لأن ذلك حرج و مشقة إذ تكليف العوام بالاجتهاد في المسائل يقتضي اختلال نظام العالم و اشتغال كلّ واحد منهم بالنظر في المسائل عن أمور معاشه و في التهذيب و لأن الحادثة إذا نزلت بالعامي فإن لم يكن مكلّفا فيها بشيء فهو باطل بالإجماع و إن كان بغيرها فإن لزمه ذلك حين استكمال عقله فهو باطل إجماعا و إن كان حين حدوث الحادثة لزم تكليف ما لا يطاق و في النهاية العامي إذا حدث به حادثة كان متعبّدا بشيء للإجماع و ليس مجانا إجماعا بل لا بد من طريق و ليس البحث و النظر

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 590
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست