الغفلة كما قال سيّدنا الأستاذ: أنّ جريان قاعدة التجاوز و الفراغ مختص بما إذا كان الشكّ ناشئا من احتمال الغفلة و السهو، فلا مجال لجريانهما فيما إذا احتمل ترك الجزء أو الشرط عمدا؛ لما ذكرناه من أنّهما ليستا من القواعد التعبّدية بل إمضاء لقاعدة ارتكازية عقلائيّة، و هي أصالة عدم الغفلة، لظهور حالهم حين الامتثال في عدم الغفلة، و لا يستفاد من الأدلة أزيد من هذا المعنى، مضافا إلى دلالة التعليل المذكور في بعض الروايات على الاختصاص فان كونه (اذكر) إنّما ينافي الترك السهوي لا الترك العمدي كما هو واضح [1]. و الأمر كما أفاده. و من المعلوم أن مورد قاعدة الفراغ و التجاوز و الصحة هو الشكّ المتعلق بالموضوع و أمّا في صورة الشكّ في الحكم (الشبهات الحكمية) فلا مجال لهذه القواعد و هناك يتمسك بالأمارات و الأصول العملية.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1- الروايات: و هي الواردة في باب الشكّ في الصلاة و غيرها.
منها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) في الرجل يشكّ بعد ما ينصرف من صلاته، قال: فقال: «لا يعيد و لا شيء عليه» [2]. دلّت على عدم الاعتبار بالشكّ في صحة الصلاة بعد الفراغ عنها، و أنّ الحكم عندئذ هو الإجزاء.
و منها صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: «كلّما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض و لا تعد» [3]. دلّت على أنّ كلّ صلاة شكّ في صحتها بعد الإتيان يحكم بالصحة و التماميّة.
و منها موثقة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: «كلّما شككت فيه ممّا قد مضى فامضه كما هو» [4]. دلّت على الحكم بالصحة و التماميّة، بالنسبة إلى