اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 191
لسان القاعدة-كما تقتضيه مناسبة الحكم و الموضوع و كونها واردة مورد الامتنان- يقتضي أن يكون المراد به الحرج الشخصي؛ إذ ليس من المنّة على المكلّف غير المتحرّج من قبل امتثاله لحكم الشارع أن ينفى عنه الحكم، لا لشيء سوى أنّ غيره متحرّج. [1]
هذا بالإضافة إلى أنّ مقتضى ما استفدناه من حكومة هذه القاعدة على الأدلّة الأوّلية يقتضي ذلك؛ فالأدلّة المتعرّضة لأحكام الشارع الأوّلية-كأدلّة وجوب الصلاة، و الصوم، و الحج، و غيرها-واردة مورد العموم الاستغراقي، و مقتضاه انحلاله إلى تكاليف متعدّدة بتعدّد من ينطبق عليهم موضوع التكليف، فكأنّ الشارع وجّه تكاليفه إلى هؤلاء الأفراد جميعهم مباشرة، و كان لكل فرد منهم تكليفه الخاصّ، ثمّ جاءت هذه القاعدة فشرحت مراده من هذه الأدلّة، فكأنّها قالت: إنّ هذه الأحكام إذا استلزم امتثالها حرجا لمن تعلقت به فهي منفيّة عنه.
ثالثا: القاعدة و شمولها للمحرّمات
و الذي يبدو من أدلّة قاعدة (لا حرج) أنّ فيها إطلاقا يشمل المحرّمات و الواجبات [2] ، كما أنّ مناسبة الحكم و الموضوع تقتضي ذلك؛ لأنّ القاعدة امتنانية، و ليس من المنّة إبقاء الحرمة الحرجيّة على حالها.
و المستفاد من قاعدة (لا حرج) أنّها إنّما تنفي خصوص الحكم الذي يحدث امتثاله الحرج، و المحرّمات-نوعا-لا نتصور في امتثالها إحداث حرج ما. [3]
[1] . راجع: رسالة في نفي العسر و الحرج للآشتياني: 249-250. و الذي ذهب إليه الأصفهاني هو نفي الأمرين معا؛ النوعي و الشخصي. راجع: هداية المسترشدين 2: 750.
[2] . راجع: مستند الشيعة 15: 32، و القواعد الفقهية للبجنوردي 1: 264.
[3] . راجع: رسالة في نفي العسر و الحرج للآشتياني: 239.
اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 191