اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 178
فحص هذه الأبواب تجد المعروض فيها التماس العقل كدليل على الأصل المنتج، لا أنّه بنفسه أصل منتج لها.
و بعد عرض مطوّل لجلّ أقوالهم و مناقشاتهم، و ما يرد عليها في كتابنا (الأصول العامّة للفقه المقارن) خلصنا إلى ما يأتي:
أولا: أنّ العقل مصدر الحجج، و إليه تنتهي، فهو المرجع الوحيد في أصول الدين، و في بعض الفروع التي لا يمكن للشارع المقدس أن يصدر حكمه فيها.
ثانيا: قابليته لإدراك الأحكام الكلّية الشرعية الفرعية بتوسّط نظرية التحسين و التقبيح العقليين، و لكن على سبيل الموجبة الجزئية، و عدم قابليته لإدراك جزئياتها و بعض مجالات تطبيقها.
ثالثا: عدم إدراكه-وحده-لكثير من الاحكام الكليّة كالعبادات و غيرها لعدم ابتناء ملاكاتها-على نحو الموجبة الكلّية-على ما كان ذاتيا من معاني الحسن و القبح.
رابعا: الالتزام بالتحسين و التقبيح لا ينهى إلى إنكار الشرائع، بل الاحتياج قائم على أتمّ صورة إليها، لتدارك ما يعجز العقل عن الولوج إليه، و هو أكثر الأحكام، بل كلّها مع استثناء القليل. [1]
و المراد بدليل العقل هنا تطابق العقلاء على قبح التكاليف التي تولّد الحرج للمكلّفين. و بما أنّ الشارع المقدّس سيّد العقلاء، و خالق العقل، فلا بدّ أن يكون جاريا في جعله على وفق مدركاتهم العقلية. و حيث إنّ الأحكام الحرجيّة ممّا يدرك العقل قبح تشريعها؛ فلا بدّ أن يرفعها؛ منّة منه على العباد. [2]
و الإشكال الذي يرد على دليل العقل: إنكار تطابق العقلاء على قبح تشريع الأحكام الحرجية، و مع إنكار التطابق لم يبق مجال للتمسّك بدليل العقل.