و مؤدّى ذلك كلّه أنّ الحكم لا يمكن أن يكون أوسع من موضوعه، و لا المعلول أوسع من علّته، فإذا أبيح الشيء لضرورة أو أجيز لعذر، أو منع لمانع معيّن، فبزوال الضرورة أو العذر أو المانع يزول ما رتّب عليه من الحكم بالوجدان.
فمن اضطرّ لإساغة اللّقمة إلى جرعة من خمر مثلا، لا يسوغ له أخذ جرعتين؛ لأنّ الاضطرار «إنّما يبيح من المحظورات مقدار ما يدفع الخطر، و لا يجوّز الاسترسال، و متى زال الخطر عاد الحظر» [3] ... و هكذا بالنسبة لزوال العذر أو المانع.
و ممّا يترتّب على قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ما ذكر من:
خامسا: قاعدة «الاضطرار لا يبطل حقّ الغير»
و السرّ في ذلك أنّ الضرورة إنّما تقدّر بقدرها بحكم العقل كما مرّ، فمن أتلف مال غيره اضطرارا سقط عنه الحكم التكليفي المانع عن الإتلاف؛ لأنّه هو الذي اضطرّ إلى
[1] . راجع: الأشباه و النظائر للسيوطي 1: 214، و الأشباه و النظائر لابن نجيم 86، و شرح القواعد الفقهية:
189، و تحرير المجلّة 1: 144. و فيها «بعذر» بدل «لعذر» .
[2] . القاعدة وردت في مجلة الأحكام العدلية بصيغة: «إذا زال المانع عاد الممنوع» ، المادة (24) ، راجع: درر الحكّام 1: 39، و شرح القواعد الفقهية: 191، و المدخل الفقهي العام 2: 1018.
[3] . المدخل الفقهي العام 2: 1004-1005.
اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 127