اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 126
و الواقع أنّ هذه الأحكام التي وردت استثناء من الشارع غير معلّلة بالحاجة لتسري العلّة من طريق القياس إلى غيرها ممّا يشبهها [1] ، و احتمال كونها مقصورة على موضعها-لو أمكن استنباطها-غير بعيد، و إلاّ فما معنى قصر الشارع الاستثناء على الاضطرار في رفع الأحكام التحريميّة إذا كانت الحاجة-و هي دون الضرورة-كافية في رفع اليد عنها، و الترخيص في ارتكابها؟و كان بوسعه أن يذكر الحاجة اكتفاء بها؛ لأنّ ذكرها-لو كان هو الأساس-يغني عن ذكر الضرورة كما هو واضح.
هذه القاعدة في الواقع عقلية، تقتضيها مناسبة الحكم و الموضوع، و قريب منها ما ورد على ألسنة بعض الفقهاء أمثال القواعد:
[1] . و لذا ذكر الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء بأنّ هذه القاعدة لا تصحّ على أصول مذهب الإمامية؛ فإنّ قاعدة «نفي الضرر» و إن كانت ترفع الأحكام الواقعية، مثل: وجوب الغسل، و الوضوء، و الصوم، و سلطنة الناس على أموالهم، و لكنّها لا تشرّع حكما، و لا تجعل الباطل صحيحا، و إنّما ترفع الحرمة التكليفية بالضرورة، أي العقوبة فقط، لا سائر الآثار. فلو كان بعض البيوع باطلا و حراما-كالربا- فالضرورة لا تجعله عقدا صحيحا كسائر البيوع و إن أحلّته لمن اضطرّ إليه، فلو ارتفعت الضرورة وجب ردّ كلّ مال إلى صاحبه مع الإمكان.
و ذكر البعض من أنّ غير المنصوص، بل المنصوص على عدم مشروعيته، و حظره من وسائل الحياة، يجوز سلوك الطريق المنصوص على حظره عند الحاجة إليها.
و كان هذا الباب مفتوحا على مصراعيه عند فقهاء المذاهب الأربعة المشهورة و يسمّونه: باب المصالح المرسلة.
أمّا عند فقهائنا الإمامية فهذا الباب موصد بكلّ ما يتّسع له المجال من الإقفال، و عندنا «إنّ حلال محمد حلال إلى يوم القيامة، و حرامه حرام إلى يوم القيامة» . تحرير المجلّة 1: 148-150. بتصرّف.
[2] . وردت هذه القاعدة في بعض كتب القواعد الفقهية بصيغة: «ما أبيح للضرورة يقدّر بقدرها» . راجع:
الأشباه و النظائر للسيوطي 1: 212، و الأشباه و النظائر لابن نجيم: 86، و المنثور في القواعد 2: 70.
اسم الکتاب : القواعد العامة في الفقه المقارن المؤلف : الحكيم، السيد محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 126