الأُولى : أنْ تأمر بإيصال هذه الرسالة إلى أهلي بأسرع وقت ؛ حتَّى يهدأ اضطرابهم ، ويذهب رَوعهم .
والثانية : أنْ تأمر بإحضار مَن أبلغك بهذا الخبر ؛ فو الله ، لا توجد عندي لبَني أُميَّة وديعة أصلاً ، وعندما أُحضرت بين يدي الخليفة ، وعلمت بالأمر ، تصوَّرت أنِّي لو تكلَّمت بهذه الصورة كان خلاصي أسهل .
فأمر المنصور الربيع بإحضار المُخبِر .
وعندما حضر نظر إليه الرجل نظرة ، ثمَّ قال : إنَّه عبدي سَرَق مِنِّي ثلاثة آلاف دينار وهرب .
فأغلظ المنصور في الحديث مع الغلام ، وأيَّد الغلام كلام سيِّده في أتمِّ الخَجَل ، وقال : إنِّي اختلقت هذه التُّهمة لأنجو مِن القَبض عليَّ .
هنا رَقَّ قلب المنصور لحال العبد ، وطلب مِن سيِّده أنْ يعفو عنه ، فقال الرجل : عفوت عنه ، وسأُعطيه ثلاثة آلاف أُخرى ، فتعجَّب المنصور مِن كرامة الرجل وعظمته .
وكلَّما ذُكِر اسمه كان يقول : لم أرَ مثل هذا الرجل [1] .