: هذا رجل له علم بأهل هذا البيت ، وإنِّي أتيتك لتقبض منِّي هذا المال وتُدخلني على صاحبك ، فإنِّي أخٌ مِن إخوانك وثقة عليك ، وإنْ شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه .
فقال له ابن عوسجة :
أحمد الله على لقائك إيَّاي ، فقد سرَّني ذلك لتنال الذي تُحبُّ ولينصر الله بك أهل بيت نبيِّه (عليه وعليهم السلام) ولقد ساءني معرفة الناس إيَّاي بهذا الأمر قبل أنْ يتمَّ مَخافة هذا (يعني ابن زياد) .
وأخذ عليه المواثيق المُغلَّظة ليُناصحنَّ وليكتمنَّ ، فأعطاه مِن ذلك ما رضي به ، ثمَّ قال له : اختلفْ إليَّ أيَّاماً في منزلي ، فإنِّي طالب لك الإذن على صاحبك .
وأخذ يختلف مع الناس فطلب له الإذن فأذن له ، فأخذ مسلم (عليه السلام) بيعته وأمر أبا ثمامة الصائدي يقبض المال منه ، وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يُعين به بعضهم بعضاً ، ويشري لهم السلاح وكان بصيراً وفارساً مِن فُرسان العرب ووجوه الشيعة .
وأقبل ذلك الرجل يختلف إليهم ، فهو أوَّل داخل وآخر خارج ، حتَّى فَهم ما احتاج إليه ابن زياد مِن أمرهم فكان يُخبر به أوَّلاً بأول .
إنَّ نفاق هذا المُنافق قد أدَّى إلى مفاسد كبيرة ما كان بالإمكان جبرها ، كمَقتل مسلم (عليه السلام) وهاني بن عروة ، والتمهيد لواقعة كربلاء الدامية التي قُتِل فيها الحسين (عليه السلام) وأصحابه العظام ، وهُمْ مِن أكرم أبناء الإسلام ، وبذلك مَكَّن لتوطيد سُلطان يزيد وأعماله الفاسدة [1] .