في أيَّام خلافة عبد الله بن الزبير في الحِجاز ، ذهب حامل ختم الخليفة عبد الملك بن مروان مِن الشام إلى زيارة بيت الله الحرام ، وهناك التقى مع أحد خواصِّ عبد الله بن الزبير ومِن خلال البحث والجدال تنازع الرجلان وافترقا .
وبعد دخول الحَجَّاج بن يوسف مَكَّة وقتل ابن الزبير ، ثم القبض على أصحاب ابن الزبير وإلقائهم في السجن بعد إرسالهم إلى الكوفة ، كان أحد الأشخاص الذين أُلقي القبض عليهم هو الشخص الذي تنازع مع حامل ختم الخليفة .
وكتب الحَجَّاج مِن العراق برسالة إلى عبد الملك حول مصير السُّجناء ، فأمر عبد الملك حاجبه بالرَّدِّ على الرسالة ، وذلك بتعيين عددهم وكتابة أسمائهم ، فكانت العبارة : أحصهم واكتب أسماءهم . وبعد كتابة الرسالة وتوقيعها مِن قِبَل الخليفة أُعطيت لحامل ختم الخليفة لتدقيقها وختمها .
وكان حامل ختم الخليفة قد عرف أنَّ أحد السُّجناء المذكورين في الرسالة ، هو الشخص الذي تنازع معه عند زيارته لبيت الله ، فأراد انتهاز الفرصة والانتقام منه ؛ ولذلك فكَّر بفكرة شيطانيَّة عجيبة . فقال بصوت عالٍ : لقد نسيت أنْ أضع نقطة على إحدى الكلمات ، فهل لي الإذن بوضعها ؟ فأُذن له فوضع نقطة على (ح) مِن كلمة أحصهم فأصبحت (أخصهم) ، وبعد ذلك أُغلقت الرسالة وهيِّئت للتوشيح مع بقيَّة الرسائل .
وبذلك تغيَّر أمر الخليفة إلى خَصي خواصِّ عبد الله بن الزبير . وعند وصول الرسالة إلى الحَجَّاج تمَّ العمل الهَمجيِّ ، وذلك بخصي السُّجناء وحرمانهم مِن الحياة الطبيعيَّة [1] .