يقول ابن شهر آشوب : بعد أنْ صمَّم مُعاوية على القيام ضِدَّ الإمام عليٍّ خطر له أنْ يختبر أهل الشام ؛ ليعرف مدى طاعتهم لأوامره ، فاقترح عليه عمرو بن العاص طريقة لإجراء هذا الاختبار قائلاً له : اصدر أمرك إلى الناس بأنَّ عليهم أنْ يذبحوا القَرع كما يذبحون الشاة ، فيذكُّوه قبل أنْ يأكلوه ، فإذا أطاعوك فثق بتأييدهم وإسنادهم لك ، وإلاّ فلا .
أصدر مُعاوية أمره بذلك فأطاعه الناس دون أيِّ اعتراض ، وانتشرت هذه البِدعة الأموي في أرجاء الشام .
وسُرعان ما وصل خبر تلك البِدعة إلى أسماع أهل العراق ، وراح الناس يتساءلون عن ذلك . فسُئل أمير المؤمنين عن القرع يذبح؟
فقال : (القَرع ليس يُذكَّى ؛ فكلوه ولا تذبحوه ولا يستهوينَّكم الشيطان لعنه الله) .
إنَّ المسلمين الذين أطاعوا أمر مُعاوية غير المشروع يومئذٍ ، ونفَّذوه على مُخالفته أمر الله ، هُمْ أشبه بذلك الفئة مِن أهل الكتاب الذين حَرَّم عليهم أحبارهم ورُهبانهم ما أحلَّ الله ، وحلَّلوا لهم ما حرَّم الله ، فكانوا يُطيعونهم إطاعة عمياء فيُشركون وهُمْ جاهلون [1] .