responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القصص التربوية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 341

إذ حاصر إسماعيل جيش عمرو ، وما لبثوا أنْ هُزِموا وقُتل الكثير منهم ، وأُسر منهم كثير وفر آخرون ، وكان عمرو بن الليث مِن الفارِّين ، ولكنَّه أُسِر ووقع ما كان عنده غنيمة بيد إسماعيل ومنها الخُرج . فلمَّا رآه مختوماً وقرأ ما كُتب عليه ، أدرك ما هنالك وأنَّ الخُرج يحتوي على رسائل قوَّاده إلى عمرو ، وهمَّ أنْ يفتح الخُرج ليطَّلع على الذين كتبوا تلك الرسائل ، ولكنَّه بحِكمته الصائبة وتدبُّره العواقب ، امتنع عن ذلك قائلاً في نفسه : لو أنَّني اطَّلعت على أسمائهم لساء ظنِّي بهم ، كما أنَّهم إذا عرفوا انكشاف سِرِّ خيانتهم ونقضهم لعهودهم سوف يستولي عليهم الخوف ، وقد يدفعهم ذلك إلى العصيان والثورة ومُحاولة اغتيالي أو قد يُشكِّلون مُعارضة تسعى للإخلال بالانضباط في الجيش ، ويقلبون النصر إلى هزيمة مِمَّا يؤدِّي إلى مفاسد لا يُمكن تلافيها .

بناءً على ذلك أبقى الخُرج مَختوماً ثمَّ استدعى قادته وخواصَّ أصحابه ، وأراهم الخُرج وعليه ختم عمرو وقال لهم : هذه رسائل كتبها بعض قادتي وأصحابي إلى عمرو يتقرَّبون إليه ويطلبون منه الأمان . أحلف أنْ أحِجَّ عشر حَجَّات إذا كنت أعلم ما في هذه الرسائل والذين كتبوه . فإذا كان ظَنِّي في أنَّهم قد طلبوا منه الأمان صحيحاً ، فإنِّي أعفو عنهم ، وإذا كان غير صحيح فإنِّي أستغفر الله على ظَنِّي . ثمَّ أمر بإحراق الخُرج بما فيه فأُحرق ولم يبقَ للرسائل مِن أثر .

فاستولت على كاتبي الرسائل الدهشة والحيرة ، لما رأوه مِن إسماعيل مِن كرامة النفس والعفو الأخلاقي ، وأحسُّوا بالراحة والاطمئنان بعد أنْ شاهدوا رسائلهم قد استحالت إلى رماد ، وإنْ سِرَّهم قد قُبر إلى الأبد ولكنَّهم ندموا على ما بدر منهم ، ومالوا إلى قائدهم الكريم وأحبُّوه وعزموا عزماً صادقاً مُخلصاً أنْ يبقوا على وفائهم له [1] .


[1] الأخلاق ، ج1 .

اسم الکتاب : القصص التربوية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 341
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست