صِفِّين أرض تقع غرب نهر الفرات بين (الرقة) و(بالس) ، حيث دارت رحى حربٍ ضَروسٍ بين جيش الإمام علي (عليه السلام) وجيش مُعاوية ، أصابت كلا الطرفين بخسائر كبيرة ، فقد جاء في بعض الروايات أنَّ جيش علي (عليه السلام) ضَمَّ تسعين ألف جنديٍّ ، بينما بلغ جيش مُعاوية مِئة وعشرون ألفاً .
كانت أرض صِفِّين مُرتفعة عن نهر الفرات ، فكانوا يستخدمون الدلاء للاستقاء . ولكنْ في المناطق المزدحمة بالقوافل وبالأنعام والأغنام التي ترد الماء ، لم يكن للدلاء نفع كبير ، فكان الناس قد شقُّوا طريقاً في المناطق المُنخفضة للوصول إلى شريعة الماء بحيواناتهم وإبلهم فيَردِونها ويحملون مِن الماء ما يحتاجونه في رحلتهم .
في صِفِّين كانت الشريعة عريضة تَفي لسقي كلا الجيشين دون عناء ، ولوصول الفُرسان إلى الماء ، هُمْ وخيولهم ، لحمل ما يحتاجون مِن الماء . وقبل اندلاع حرب صِفِّين ، عزم مُعاوية بن أبي سفيان على الاستيلاء على شريعة الفرات ، ومنع جيش علي (عليه السلام) مِن الوصول إلى الماء ، للتضييق عليهم ، والانتصار في الحرب . ونفَّذ معاوية عزمه ، فوَكَل لحراسة الشريعة جيشاً قوامه أربعون ألف جنديٍّ بإمرة أبي الأعور ؛ ليمنعوا جيش علي (عليه السلام) عن الماء .
وإذ حاول نفر مِن جنود الإمام الوصول إلى الماء ، منعهم جنود مُعاوية ، وتجالدوا ساعة ، ثمَّ عاد جنود الإمام إلى مُعسكرهم دون ماء . وانتشر خبر ضرب الحصار على شريعة الفرات ، فغضب جنود الإمام ، وأرادوا أنْ يبدأوا الهجوم بأسرع ما يُمكن لطرد جيش مُعاوية عن شريعة الماء ، ولكنَّ الإمام علي (عليه السلام) لم يكن يُريد أنْ يكون هو البادئ بالحرب ، فيحتكم إلى السيف قبل إتمام الحُجَّة على مُعاوية وجيشه .