بَشِّر الصابرين
خرجت مع صديق لي إلى البادية ، فضللنا الطريق ، فإذا بنا نرى إلى يمين الطريق خيمة ، فقصدناها وسلَّمنا ، فإذا امرأة ردَّت علنيا السلام ، فقالت : مَن أنتم ؟
قلنا : ضالِّين قصدناكم لنأنس بكم .
فقالت : أديروا وجوهكم ؛ حتَّى أعمل مِن حَقِّكم شيئاً .
ففعلنا ، فبسطت لنا مسحاً ، وقالت : اجِلسوا حتَّى يجيء ابني ، وكانت ترفع طرف الخيمة وتنظر ، فرفعتها مَرَّة فقالت : اسأل الله بركة المُقبِل ... أمَّا الناقة ، فناقة ابني ، وأمَّا الراكب فليس هو ! فلمَّا ورد الراكب عليها .
قال : يا أُمَّ عقيل ، عظَّم الله أجرك بعقيل .
قالت : ويحك ، مات عقيل ؟!
قال : نعم .
قالت : بما مات ؟!
قال : ازدحمت الناقة ، وألقته في البئر .
فقالت له : انزل وخُذ زِمام القوم ، فقرَّبت إليه كبشاً فذبحه ، وصنعت لنا طعاماً ، فشرعنا في أكل الطعام ونحن نتعجَّب مِن صبرها ، فلمَّا فرغنا خرجت إلينا وقالت : أيُّها القوم ، أفيكم مَن يُحسن في كتاب الله شيئاً ؟
قلت : بلى !
قالت : اقرأ عليَّ آيات أتسلَّى بها مِن موت الولد .
قلت : يقول الله عز وجل : (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا