كان أحد صحابة الإمام الصادق (عليه السلام) يُدعى يونس بن عمّار ، وذات يوم أُصيب يونس بمرض البَّرص أو الجُذام ، وغطَّت بُقعٌ بيضاء كامل وجهه ، فأثَّرت في نفسه ، وأخذت شخصيَّته تضمحلُّ شيئاً فشيئاَ فاقدة مكانتها الاجتماعيَّة ، وقد قيل في حَقِّه : لو كان للإسلام به حاجة ، أو كان لوجوده أدنى أثر أو قيمة لما ابتُلي بهذا البَلاء ، فجاء يونس بن عمَّار إلى الإمام الصادق (عليه السلام) شاكياً لسان الناس ، فقال له (عليه السلام) : (لَقَدْ كانَ مُؤْمِنُ آلِ فِرعَوْنَ مُكَنَّعَ الأصابعِ فَكانَ يَقُولُ هكَذا ويَمُدُّ يَدَيْهِ ويَقُولُ : (...يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)) .
لقد رَدَّ الإمام الصادق (عليه السلام) بهذه العبارة القصيرة على أقاويل الناس الجَوفاء ، حيث حاول (عليه السلام) أنْ يُثبت لنا إمكانيَّة ابتلاء المؤمن بالله وسُنَّة نبيِّه ببليَّة أو عاهة ما ، مِثلما ابتُلي مؤمن آل فرعون بتلك العاهة . كما أنَّه (عليه السلام) قد ساعد في رفع معنويَّات يونس بن عمّار ؛ حيث دعاه إلى عدم الابتعاد عن الناس بسبب البُقع البيضاء التي انتشرت في وجهه ، وطلب منه الاستمرار بواجباته في التبليغ ، كما كان يفعل مؤمن آل فرعون ، حيث كان يمدُّ يده التي كانت تنقصها الأصابع ويقول : (... يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ) ، فتلك العاهة لم تَثنِ عزيمة مؤمن آل فرعون ، ولم تُحبط معنويَّاته وشخصيَّته [1] .