كان الخليفة العباسي المُتوكِّل يبرز عِداءه الشديد وبُغضه للإمام عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وعندما يذكره كان لا يُسمِّيه إلاِّ بـ : (أبو تراب) ، ولا يتورَّع في المجالس العامَّة عن توجيه الإهانة له (عليه السلام) ، لكنَّ وَلَده الشابَّ وولي عهده المُنتصر كان مُتألِّماً جِدَّاً مِن سُلوك أبيه إزاء الإمام علي (عليه السلام) ، ولكنْ لم يكن يملك أمام هذا السلوك إلاَّ التزام الصمت ، وقد جاء في كُتب التاريخ أنَّ المُتوكِّل كان يُبغض عليَّاً (عليه السلام ) وينتقصه ، فذكره وغَضَّ منه ، فتمعَّر وجه ابنه المُنتصر لذلك ، فشتمه المُتوكِّل وأنشأ يقول :
لم يُطِق المُنتصر هذه الإهانة التي سمعها مِن أبيه ، وهو وليُّ العهد الذي كان آنذاك في الخامسة والعشرين مِن العمر ، وتأثَّر كثيراً لانتقاص أبيه منه أمام المَلأ ، فأضمر له أمراً يُعوِّض له عمَّا حَقَّره به وحَقد عليه ، وقَرَّر الأخذ بالثأر الذي يمحو عنه إهانة أبيه ، وأغراه ذلك على قتله ، فخطَّط مع بعض الغُلمان على قتله في أوَّل فُرصة ووعدهم بالمال والمنصب .
فبينما المُتوكِّل جالس في قصره يشرب مع ندمائه وقد سَكر ، إذ دخل بغاء الصغير وأمر النُّدماء بالانصراف ، فانصرفوا ولم يَبقَ عنده إلاَّ الفتح بن خاقان ، فإذا الغُلمان الذين عيَّنهم المُنتصر لقتل المُتوكِّل قد دخلوا وبأيديهم السيوف مُصلتة ، فهجموا عليه ، فقال الفتح بن خاقان : ويلكم ! أتقتلون أمير المؤمنين ؟! ثمَّ رمى بنفسه عليه ، فقتلوهما جميعاً ، ثمَّ خرجوا إلى المُنتصر فسلَّموا عليه بالخلافة [1] .