responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القصص التربوية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 209

بصورة فطريَّة ، فمُعاوية بن يزيد كان قادراً على استغلال وجوده على عرش الخلافة شَرَّ استغلال ، في إرضاء غرائزه لو كان عبداً لهواه ، ذليلاً لشهواته ، لو لم يكن قد نشأ في ظِلِّ تربية إسلاميَّة صحيحة ، وترعرع في كِنف مؤدِّبٍ كفوءٍ رسَّخ في نفسه روح الإيمان بالله والتعاليم الإسلاميَّة الحَقَّة ؛ ليجعل منه إنساناً ذا إرادة قويَّة ، مُتحرِّراً مِن قيود النفس الأمَّارة مُستقلَّاً لن يؤثِّر فيه منصب الخلافة بكلِّ عظمتها .

لقد أقام مُعاوية بن يزيد في الخلافة أربعين يوماً ، نظر فيها في كلِّ ما ارتكبته حكومة أبيه وجَدِّه ، مِن بغي وسوء فِعالٍ وجُرأة على الله سبحانه وتعالى ، فأدرك عُظم الجرائم التي ارتكبها أبوه يزيد بن مُعاوية طيلة فَترة خلافته ، الذي تجرَّأ على الله وبغى على مَن استحلَّ حُرمته مِن أولاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

فوجد مُعاوية بن يزيد أمام مُفترق طريقين ، عليه أنْ يختار سلوك أحدهما ، فإمَّا أنْ يستمرَّ في الخلافة ويسير على خُطى أبيه وجَدِّه في البغي والرذيلة ، ومُمارسة الظلم بحَقِّ العباد ، وإشباع جميع رغباته وغرائزه ، وإمَّا أنْ يُطيع أوامر الله ويسلك طريق الحَقِّ والفضيلة ، ويخلع نفسه عن الخلافة التي لن تعود عليه إلاّ بالذِّلِّ والعار .

وقد اتَّخذ مُعاوية بن يزيد قراره ، واستطاع بقوَّة إيمانه والتربية السليمة ، التي عاش في ظلِّها أيَّام طفولته وصباه ، أنْ يتغلَّب على هواه ويُصمِّم على إقالة نفسه مِن الخلافة ، فصعد المِنبر ثمَّ حمد الله وأثنى عليه وذكر النبي (صلى الله عليه وآله) بأحسن ما يذكر به ، ثمَّ قال :

أيُّها الناس ، إنَّ جَدِّي مُعاوية بن أبي سفيان قد نازع في أمر الخلافة مَن كان أولى بها منه ومِن غيره ؛ لقَرابته مِن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وعظم فضله وسابقته ، أعظم المُهاجرين قدراً وأشجعهم قلباً، وأكثرهم علماً ، وأوَّلهم إيماناً ، وأشرفهم منزلة ، وأقدمهم صُحبة ، ابن عَمِّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصِهره وأخوه ، زوَّجه (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة وجعله لها بَعلاً وجعلها له زوجة ، أبو سِبطيه سيِّدي شباب أهل الجَنَّة ، وأفضل هذه الأُمَّة ، فركب جَدِّي منه ما تعلمون وركبتم معه ما لا

اسم الکتاب : القصص التربوية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 209
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست