عندما خرج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) شاهراً دعوته بين الناس في مَكَّة ، دبَّت فورة عظيمة بين جيل الشابِّ ، فتجمعَّوا بدافعٍ مِن ميولهم الفطريَّة حول الرسول (صلى الله عليه وآله) ينهلون مِن مَعين أحاديثه الشريفة ، وقد أثار هذا الأمر خلافات بين الشباب وأُسرهم ، ودفع بالمُشركين إلى الاحتجاج على ذلك عند الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) .
... فاجتمعت قريش على أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ، إنَّ ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا ، وأفسد شبابنا ، وفرَّق جماعتنا .
لقد بلغت دعوة النبيِّ محمّد (صلى الله عليه وآله) أسماع كلِّ الناس مِن رجال ونساء ، وشيوخٍ وشبابٍ ، إلاّ أنَّ الشباب كانوا أكثر تأثُّراً بهذه الدعوة واندفاعاً لها ؛ لأنَّ توقُّد الحِسِّ الديني لديهم خِلال مرحلة البلوغ ، جعلهم مُتعطِّشين لتعلُّم فضائل الإيمان والأخلاق ، ولهذا كانت كلمات الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) تنزل في نفوسهم كالماء السلسبيل ، كما أنَّها كانت بالنسبة لهم بمثابة غذاء للروح ، دون غيرهم مِن الشيوخ والطاعنين في السِّنِّ .
فلمَّا أوفد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) مصعب بن عمير إلى المدينة ، ليُعلِّم أهلها قراءة القرآن ، وينشر بينهم التعاليم والمعارف الإسلاميَّة ، كان الشباب أوَّل مَن لبَّى دعوته ، حيث أبدوا رغبة شديدة في تعلُّم قراءة القرآن واكتساب التعاليم الإسلاميَّة .
وكان مصب نازلاً على أسعد بن زرارة ، وكان يخرج في كلِّ يوم ويطوف على مجالس الخزرج ، يدعوهم إلى الإسلام فيُجيبه الأحداث [1] .