اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد الجزء : 1 صفحة : 94
و أما من حيث النتائج فنحن نعلم أن المعاني التاريخية كانت الباب الذي يلج منه الملاحدة و المستشرقون و المبشّرون و كل من أراد الكيد للنبي و للإسلام أما هذه النواميس فهي فخر كل مسلم يؤمن بالقرآن و يدين بالقرآن و يدين للإسلام ذلك لأنها تقرّر من النواميس النفسية و الاجتماعية ما يجعل الدعوة الإسلامية أكثر ارتباطا بالفطرة و أقدر الدعوات على مسايرة الرقي العقلي و التطوّر الاجتماعي في هذه الحياة.
و لعل من أقوى المثل التي تصوّر لك هذا الرأي موقف القرآن من المعجزات فلقد كان الأقدمون من أهل الكتابين و من مضى من الأمم السابقة لا يؤمنون بالنبوّة و لا يدينون بالرسالة إلا على بيّنة من المعجزات و جاء القرآن فارتفع بالعقل البشري درجات و درجات.
ارتفع به حين فصل بين المعجزات و بين الإيمان بالرأي و ذلك حين قال وَ لَوْ أَنَّنََا نَزَّلْنََا إِلَيْهِمُ اَلْمَلاََئِكَةَ وَ كَلَّمَهُمُ اَلْمَوْتىََ وَ حَشَرْنََا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مََا كََانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاََّ أَنْ يَشََاءَ اَللََّهُ وَ لََكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ[1] .
و ارتفع به حين أزال عنه شبح الخوف حين دلّه على أن المعجزات لم تكن إلا للإكراه و الإلزام و ذلك حين قال وَ مََا مَنَعَنََا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيََاتِ إِلاََّ أَنْ كَذَّبَ بِهَا اَلْأَوَّلُونَ وَ آتَيْنََا ثَمُودَ اَلنََّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهََا وَ مََا نُرْسِلُ بِالْآيََاتِ إِلاََّ تَخْوِيفاً[2] .
و ارتفع به حين ردّ مسألة الإيمان و الكفر إلى أسباب عامة و نواميس ثابتة مستقرة و ذلك حين قال يس*`وَ اَلْقُرْآنِ اَلْحَكِيمِ*`إِنَّكَ لَمِنَ اَلْمُرْسَلِينَ*`عَلىََ صِرََاطٍ مُسْتَقِيمٍ* `تَنْزِيلَ اَلْعَزِيزِ اَلرَّحِيمِ*`لِتُنْذِرَ قَوْماً مََا أُنْذِرَ آبََاؤُهُمْ فَهُمْ غََافِلُونَ*`لَقَدْ حَقَّ اَلْقَوْلُ عَلىََ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاََ يُؤْمِنُونَ*`إِنََّا جَعَلْنََا فِي أَعْنََاقِهِمْ أَغْلاََلاً فَهِيَ إِلَى اَلْأَذْقََانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ*`وَ جَعَلْنََا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنََاهُمْ فَهُمْ لاََ يُبْصِرُونَ*`وَ سَوََاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاََ يُؤْمِنُونَ*`إِنَّمََا تُنْذِرُ مَنِ اِتَّبَعَ اَلذِّكْرَ وَ خَشِيَ اَلرَّحْمََنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَ أَجْرٍ كَرِيمٍ[3] .