اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد الجزء : 1 صفحة : 444
لأنه المنفد أو الطريق لإجراء موازنة الأحداث و الأخبار التي رواها القرآن و ما جاء بشأنها هي ذاتها في التوراة و الإنجيل و غيرهما. و هؤلاء عادة ما ينتهون إلى الادّعاء بوجود مخالفات تاريخية تنتصب دليلا على أنه من تأليف محمد إذ أنه لو كان من عند اللّه لما انضوى على مخالفة و لو ضئيلة و يزعمون أن مصدرها (المخالفات) أن محمدا كان يتعلّم الأخبار على أيدي العبيد و الأرقاء الأعاجم أولئك الذين كانوا يخدمون صناديد قريش و قد أشار القرآن نفسه إلى واحد منهم في إحدى آياته و كانت معلومات أولئك العبدان مهزولة لا تعدو أن تكون شائعات لعدم اطلاعهم على التوراة و الإنجيل لعدم تيسر نسخهما لديهم فضلا عن أن طريقة التعلّم كانت المشافهة و هي قرينة التحريف و التبديل و التحوير و الزيادة و النقصان و الحذف و الإضافة... إلخ.
ذاك كان تلخيص موجز و سريع للخطورتين اللتين استشعر الباحث وجودهما و هو يرى أن أولاهما سرعان ما تزول عند ما يبيّن لأصحابها أنه سوف يتبع نهج سلفه الصالح من رجال الفقه و الدين و يستطرد متسائلا:
أ لم يبحث الأصوليون عن مصادر التشريع الإسلامي و أنهم انتهوا من صلة الإسلام بما سبقه من الأديان إلى القول بقاعدة (شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه) و أن سر الاتفاق بين الأديان السماوية أشارت إليه الآية الكريمة شَرَعَ لَكُمْ مِنَ اَلدِّينِ مََا وَصََّى بِهِ نُوحاً...[1] و سر الاختلاف جاء في الآية الكريمة لِكُلٍّ جَعَلْنََا مِنْكُمْ شِرْعَةً...[2] و أن ذلك لعلل اجتماعية هي من النواميس المستقرة. بل إن رجال السلف الصالح قد خطوا خطوة أخطر عند ما ذكروا أن من عناصر الدين الإسلامي ما يرجع إلى العهد الجاهلي [3] . و أن رجالا من ذلك العهد سنّوا لهم سننا أبقى عليها القرآن الكريم و ذكر خلف اللّه أمثلة لها نقلا عن كتاب (المحبر) .
[3] أنظر في هذه الخصوصية كتابنا: الجذور التاريخية للشريعة الإسلامية-الطبعة الأولى 1990 م دار سينا مصر-الطبعة الثانية 1997 م-دار سينا مصر و مؤسسة الانتشار العربي-بيروت/لبنان-أ. هـ. ) .
اسم الکتاب : الفن القصي في القرآن الكريم المؤلف : خَلَف الله، محمد الجزء : 1 صفحة : 444