responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 51

الأجسام العنصرية، و وصل نهايتها و هي مرتبة الهيولى الأولى‌ [1] التي تلازم


[1] -و ليسمح لي القارئ العزيز أن أبيّن في هذا المقام معنى «الهيولى و مرتبتها» .

و أقول: اعلم أنه كما يوجد في المفاهيم المعقولة أمرا مشتركا بينها يسمى الجنس، و أمرا مميزا يسمى الفصل، و أمرا مؤلفا في العقل منهما بسيطا في الخارج يسمى النوع، كذلك إذا لاحظنا المحسوسات و الأجسام، فإنّ من أمعن النظر لمثل «المدرة» مثلا، و لاحظها يرى فيها من حيث وجودها الخارجي شيئا تساوق المدرة في ذلك الشي‌ء جميع الأشياء القائمة بذاتها، و تفارق الأمور العرضية، و ذلك الشي‌ء هو الجوهر، و تمتاز المدرة فيه إذن عن الأعراض، و يرى فيها شيئا آخر تشارك فيه جملة من الأشياء الجوهرية، و تمتاز عن جملة أخرى، و ذلك الشي‌ء هو «الجسم» ، فإنّ المدرة تمتاز عن العقل و نحوه في ذلك، و تساوق الحجر و الياقوت و زيدا مثلا فيه، فمن هنا يعلم الإنسان أنّ في المدرة وراء الجوهرية شي‌ء آخر هو من جنس الجواهر و أخص منه.

ثمّ إنّ هذه الجسمية بعد إمعان النظر فيها نرى أنّ حقيقتها ليس إلاّ أمرا مؤلفا من شي‌ء و مقدار، و هذا نظر إجمالي إلى ذاتها الموجود، و بعد لفت النظر في هذا الأمر إذا دققنا فيه رأيناه ينحل إلى أشياء يطلق الجسم على مجموعها، فأول ما نرى فيها و يظهر هو مقدار هذه المدرة عرضا و طولا و عمقا، و هو المقدار الخاص لها، فإذا تعمقنا في هذا المقدار الخاص نقطع بأنه ليس مناط جسميتها، و إلاّ كانت المدرة الأخرى التي تخالفها في جميع أنحاء هذا المقدار الخاص غير جسم و هو باطل، فنعلم من ذلك أنّ خصوصية هذا المقدار يجب أن يكون أمرا عارضا على الجسم بما هو جسم، و أن الجسم إنما يكون ذا مقدار كلي و لا يقتضي خصوصية المقدار.

ثمّ بعد التأمل و التعمق تارة أخرى نرى أنّ بعض الأجسام ليس لها مقدار فعلا و هي جسم، و أن فعلية المقدار لو كان داخلا في قوام الجسمية لم يمكن لنا أن نفرض جسما ليس له مقدار فعلا؛ لأنه كفرض جسم ليس بجسم، فيتضح من ذلك وضوحا لا يقبل الشك أن قوام الجسمية ليس بفعلية المقدار بل بقابليته.

ثمّ بعد الإمعان و الدقة نجد أنّ حقيقة الجسم هي الشي‌ء القابل للمقادير مشتركة بين جميع أنواع الأجسام، و هي مختلفة في أمور ذاتية و فصول كجسم الحيوان، و جسم النبات، و جسم المعدن، و نحو ذلك، و نجد أنّ هذه الحقيقة باختلاف فصولها مرتبة فعلية الجسم،

اسم الکتاب : الفردوس الأعلى المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست