الموقوفة للضياء و الماء أيضا، فإنّ الجميع يملكون الانتفاع لا المنفعة، و قد عرفت أنّ ملكية الانتفاع راجعة إلى إباحة الانتفاع و لا ملكية هنا حقيقة.
نعم، مالية المنفعة هنا محفوظة بيد المتولي يبيعها و يؤجرها و ينفقها في تلك الجهات لينتفع بها الموقوف عليهم، و ليست هنا كالمنفعة في القسم الأول التي أسقط الواقف ماليتها عن الاعتبار و أباحها للموقوف عليهم، و حيث إنّ المالية محفوظة و زمامها بيد المتولي فلا بدّ من الإذن، و يتحقق فيها الغصب بالنسبة إلى نفس الأعيان الموقوفة و منافعها، أما بالنسبة إلى مصرفها من الضياء و نحوه فلا يتحقق الغصب بالانتفاع به بدون غصب العين أو المنفعة.
أما الانتفاع فلا يتجه به الغصب و إن حرم مطلقا، أو مع مزاحمة الموقوف عليهم.
و قد استبان لك من كل ما ذكرنا الفرق بين الحق و الحكم، و أنّ الأول نوع سلطنة تستتبع أثرا وضعيا، أو تكليفيا يقبل الإسقاط و المعاوضة غالبا، بخلاف الحكم فإنه خطاب يتضمن الاقتضاء أو التخيير، لا يقبل الإسقاط و لا المعاوضة، فمثل الطلاق و الرجعة فيه حكم لا يقبل شيئا منهما، بعكس النفقة للزوجة فإنها تقبل الإسقاط، كما تقبل المعاوضة.