و من يراجع الآيات الكريمة الواردة في هذا الموضوع يعرف جليا أنّ الحكمة و الغرض من هذا الحكم هو التوسعة على الفقراء و الهلكى الذين هم أكثر أهل الحجاز، و إشباع نهمهم و سد فورتهم، يقول جل شأنه: فَكُلُوا مِنْهََا وَ أَطْعِمُوا اَلْبََائِسَ[1] ، ثمّ يقول: فَإِذََا وَجَبَتْ جُنُوبُهََا فَكُلُوا مِنْهََا وَ أَطْعِمُوا اَلْقََانِعَ وَ اَلْمُعْتَرَّ[2] .
فقول السائل: إنه لا مصرف لها، غير صحيح، و كل أحد يعلم أنّ جمعا كبيرا من أعراب تلك النواحي يجتمعون و يتقاسمون تلك الذبائح فيما بينهم، و يتناهبون تلك الأغنام انتهاب الغنائم، و إن بقي فضلة منها فهي من التوابع القهرية، و الغالب أنّ الخير الكثير ليستتبع الشر اليسير، و هذا أيضا لا يعود إلى نقص في التشريع؛ فإنّ قبائل الحجاز لو اجتمع نصفهم فضلا عن كلهم لما كان يقع سهم كل واحد منهم شاة واحدة من تلك الأضاحي الكثيرة؛ لأنهم يبلغون على أقل تقدير أكثر من مليونين، و نصفهم على أقل فرض فقراء، فلو اجتمعوا في صحراء منى و عرفات، و هي قريبة منهم، أو أرسلوا وكيلا، أو وكلاء يحملون إليهم حصصهم لكان سهم كل عشرة شاة واحدة، و لكن هم المقصرون في الانتفاع بما فرضه اللّه لهم على حدّ قول شاعر الفرس:
«گر گدا كاهل بود تقصير صاحب خانه چيست»
أما تعين مقدار من النقود بدلها فهو خلاف غرض الشارع الذي يحب إطعام الطعام، و بذل الزاد لإشباع الجائع، و دفع كضّة النهم، و القرم، فإنّه قد يمر