اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد الجزء : 1 صفحة : 315
ثم جلس رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) فى المسجد، فقام إليه على بن أبى طالب رضى اللّه عنه، و مفتاح الكعبة فى يده، فقال: يا رسول اللّه: اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى اللّه عليك. فقال رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) أين عثمان بن طلحة؟ فدعى له، فقال: هاك مفتاحك يا عثمان، إن اليوم يوم بر و وفاء. و أمر النبى (صلى اللّه عليه و سلم) بلالا أن يؤذن.
و كان أبو سفيان بن حرب، و عتاب بن أسيد، و الحارث بن هشام جلوسا بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد: لقد أكرم اللّه أسيد: أن لا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه.
و قال الحارث بن هشام: أما و اللّه لو أعلم أنه بحق لاتبعته. فقال أبو سفيان: لا أقول شيئا لو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصا. فخرج عليهم النبى (صلى اللّه عليه و سلم) فقال: قد علمت الذى قلتم، ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث و عتاب: نشهد أنك رسول اللّه، و اللّه ما اطلع على هذا أحد كان معنا، فنقول: أخبرك.
و لما طاف النبى (صلى اللّه عليه و سلم) يوم الفتح على راحلته كان حول البيت أصنام مشددة بالرصاص، فجعل النبى (صلى اللّه عليه و سلم) يشير بقضيب فى يده إلى الأصنام، و يقول: جاء الحق و زهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. فما أشار إلى صنم منها فى وجهه إلا وقع لقفاه، و لا أشار لقفاه إلا وقع لوجهه حتى ما بقى منها صنم إلا وقع. فقال يميم بن أسد الخزاعى:
و فى الأصنام معتبر و علم* * * لمن يرجو الثواب أو العقاب
و أقام رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) بمكة بعد فتحها خمس عشر ليلة يقصر الصلاة، و كان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة.
و خبر فتح مكة أكثر مما ذكرناه، و ما ذكرناه ملخص مختصر مما ذكره أبو إسحاق فى سيرته، بعضه بالمعنى و كثير منه باللفظ.
و أما الفوائد المتعلقة بخبر فتح مكة
: فإن بعضها يخالف ما ذكره ابن إسحاق و ابن هشام من خبر الفتح، و بعضها يوضح بعض ما أبهماه فى ذلك.
فمنها: أنا الفاكهى، قال: الوتير: ماء بأسفل مكة، فى المشرق عن يمين ملكان على ستة أميال منها.
و هذا بيّن الوتير أكثر مما فى كلام ابن إسحاق.
و منها: أن ابن أبى عقبة ذكر فى مقارنة ما يقتضى أن إغارة بنى كنانة على خزاعة التى هى سبب فتح مكة، كانت بعرفة.
اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد الجزء : 1 صفحة : 315