responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 14

أحدهما لأمير المؤمنين الرشيد بالمعلاة ثم تسكب فى البركة التى عند المسجد الحرام ثم كان الناس بعد يقطع هذه العيون فى شدة من الماء، و كان أهل مكة و الحاج يلقون من ذلك المشقة حتى إن الراوية لتبلغ فى الموسم عشرة دراهم و أكثر و أقل الماء، فبلغ ذلك أم جعفر بنت أبى الفضل جعفر بن أمير المؤمنين المنصور، فأمرت فى سنة أربع و تسعين و ماية بعمل بركتها التى بمكة فأجرت لها عينا من الحرم فجرت بماء قليل لم يكن فيه رى لأهل مكة، و قد غرمت فى ذلك غرما عظيما فبلغها فأمرت جماعة من المهندسين أن يجروا لها عيونا من الحل.

و كان الناس يقولون: إن ماء الحل لا يدخل الحرم، لأنه يمر على عقاب و جبال، فأرسلت بأموال عظام ثم أمرت من يزن عينها الأولى فوجدوا فيها فسادا، فانشأت عينا أخرى إلى جانبها و أبطلت تلك العيون، فعملت عينها هذه بأحكم ما يكون من العمل، و عظمت فى ذلك رغبتها و حسنت نيتها فلم تزل تعمل فيها حتى بلغت ثنية خل، فإذا الماء لا يظهر فى ذلك الجبل، فأمرت بالجبل فضرب فيه، و انفقت فى ذلك من الأموال ما لم يكن تطيب به نفس كثير من الناس حتى أجراها اللّه عز و جل لها.

و أجرت فيها عيونا من الحل منها عين من المشاش و اتخذت لها بركا تكون السيول إذا جاءت تجتمع فيها، ثم أجرت لها عيونا من حنين و اشترت حايط حنين فصرفت عينه إلى البركة و جعلت حايطه سدا يجتمع فيه السيل، فصارت لها مكرمة لم تكن لأحد قبلها و طابت نفسها بالنفقة فيها بما لم تكن تطيب نفس أحد غيرها به، فأهل مكة و الحاج إنما يعيشون بها بعد اللّه عز و جل.

ثم أمر أمير المؤمنين المأمون صالح بن العباس فى سنة عشر و مايتين أن يتخذ له بركا فى السوق خمسا لئلا يتعنى أهل أسفل مكة و الثنية و أجيادين و الوسط إلى بركة أم جعفر فأجرى عينا من بركة أم جعفر من فضل مائها فى عين تسكب فى بركة البطحاء عند شعب ابن يوسف فى وجه دار ابن يوسف، ثم يمضى إلى بركة عند الصفا ثم يمضى إلى بركة عند الحناطين ثم يمضى إلى بركة بفوهة سكة الثنية دون دار أويس ثم يمضى إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة ثم يمضى فى سرب ذلك إلى ماجل أبى صلاية ثم إلى الماجلين اللذين فى حايط ابن طارق بأسفل مكة، و كان صالح بن العباس لما فرغ منها ركب بوجوه الناس إليها، فوقف عليها حين جرى فيها الماء و نحر عند كل بركة جزورا، و قسم لحمها على الناس.

***

اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست