responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 132

و حجّ ثالثا فى سنة اثنتين و ثلاثين و سبعمائة، و رسم بسفر الخواتين و بعض السرارى، و كتب لنائب الشام بتجهيز ما يحتاج إليه فوصلت التقادم على العادة من النواب و أمراء الشام و أمراء العربان، و طلب سائر صناع مصر لعمل الاحتياجات.

و خرج المحمل على العادة، و أمير الركب الأمير عز الدين أيدمر الخطيرى، فرحل فى عشرين شوال.

و ركب السلطان فى سبعين أميرا من قلعة الجبل يوم الخامس و العشرين منه، و سفّر الحريم مع الأمير سيف الدين طقزتمر، فلما قارب عقبة أيلة بلغه أن الأمير بكتمر الساقى على نية المخامرة فهم بالرجوع و بعث ابنه أنوك و أمه إلى الكرك. ثم قوى عزمه على المسير، فسار و هو محترز، و رسم أن كلا من الأمراء يحضر باب الدهليز بثلاثين مملوكا، فصار الجميع ينامون و عددهم تحت رءوسهم، و كل أحد مشتمل عليه زردية، و سيفه متقلد به و ترسه على كتفه، و ترك السلطان النوم فى مبيته.

فلما وصل إلى ينبع تلقاه الشريف أسد الدين رميثة [1]- أمير مكة- بينبع و معه القواد و الأشرف، فأكرمه و رحّب به، و توجّه حتى نزل خليص، ففر عند الرحيل ثلاثون مملوك، فاهتم السلطان لذلك و صار حتى قدم مكة، و جرى على عادته فى التواضع للّه تعالى و كثرت الصدقات على أهل مكة و الإنعام على الأمراء و الأجناد، و قضى نسكه، و بعث الأمير أيتمش المحمدى و معه مائة حجار إلى العقبة. فوسّعها و نظّمها.

و دخل السلطان المدينة النبوية، فهبت بها رياح عاصفة قلعت الخيم، و أظلم الجو، و صار كل أحد يهجم على غير خيمته و لا يعرف موضعه، فانزعج السلطان انزعاجا زائدا، و خاف من أن يفتك به أحد و يغتاله و وقع الصياح فى الوطاقات‌ [2]، و كان أمرا مهولا طول الليل حتى طلع الفجر فانجلى ذلك.

و حضر أمراء العربان بالمماليك الهاربين عن آخرهم، و رحل عن المدينة، فتوعك أحمد بن الأمير بكتمر الساقى، و مات بعد أيام، و لم يقم بعده بكتمر إلا ثلاثة أيام، و مات أيضا بالقرب من عيون القصب، فتحدث الناس أن السلطان سقاهما، فدفنا بعيون القصب، ثم نقلا إلى تربة بكتمر بالقرافة.


[1] انظر: (شذرات الذهب 6/ 149، الدرر الكامنة 2/ 111، خلاصة الكلام 28- 30، النجوم الزاهرة 10/ 141، الأعلام 3/ 33).

[2] جمع الوطاق، و هو لفظ تركى، يعنى: الخيمة أو مجموعة الخيام أو المعسكر أو الغرفة.

اسم الکتاب : العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين المؤلف : الفاسي، محمد بن أحمد    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست