النفوس سعيدها و شقيّها، خيّرها و شريرها على فطرة اللَّه؛ أي العشق بالكمال المطلق فجبلت النفوس بقضّها و قضيضها إلى الحنين إلى كمال لا نقص فيه و خير لا شرّ فيه و نور لا ظلمة فيه و إلى علم لا جهل فيه و قدرة لا عجز فيها. و بالجملة: الإنسان بفطرته عاشق الكمال المطلق، و تبع هذه الفطرة فطرة اخرى فيها هي فطرة الانزجار عن النقص أيّ نقص كان. و معلوم أنّ الكمال المطلق و الجمال الصرف و العلم و القدرة و سائر الكمالات على نحو الإطلاق بلا شوب نقص و حدّ، لا توجد إلّا في اللَّه تعالى فهو هو المطلق و صرف الوجود و صرف كلّ كمال، فالإنسان عاشق جمال اللَّه تعالى و يحنّ إليه و إن كان من الغافلين. و في الروايات فسّرت الفطرة بفطرة المعرفة و فطرة التوحيد [1]«أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»[2] و إليه المرجع و المآب و المصير و هو تعالى غاية الغايات و نهاية المآرب، فهو تعالى بلطفه و عنايته فطر الناس على هاتين الفطرتين: الفطرة الأصلية هي فطرة العشق بالكمال المطلق، و الفطرة التبعية هي الفطرة الانزجار عن النقص؛
[1]- الكافي 2: 12، باب فطرة الخلق على التوحيد، التوحيد: 328- 331.