إتيانه و تهمّ إليه فتحرّك الأعضاء التي تحت سلطانها نحوه فتأتي به. و إن لم يكن ملائماً لمشتهاها لكنّ العقل يرى أصلحية تحقّقه و إتيانه يحكم- على رغم مشتهيات النفس- بإتيانه، فتختار النفس وجوده و تعزم عليه و تهمّ و تحرّك الأعضاء كشرب الدواء النافع و قطع اليد الفاسدة، فإنّ العقل يحمل النفس على الشرب و القطع مع كمال كراهتها. فما في كلام القوم [1]- من أنّ الإرادة هو الاشتياق الأكيد أو أنّ الاشتياق من مقدّماتها- ليس على ما ينبغي، بل ليس التصديق بالفائدة أيضاً من المقدّمات الحتمية، و لا يسع المقام تفصيل ذلك. ثمّ إنّ الأوامر الصادرة من الإنسان من جملة أفعاله الاختيارية الصادرة منه بمباديها. و الفرق بين الأوامر و النواهي الامتحانية و الإعذارية و بين غيرها ليس في المبادي و لا في معاني الأوامر و النواهي؛ فإنّها بما هي أفعال اختيارية محتاجة إلى المبادي من التصوّر إلى تصميم العزم و تحريك عضلة اللسان،
[1]- شرح المنظومة، قسم الحكمة: 184، انظر كفاية الاصول: 86، و أجود التقريرات 1: 88، و نهاية الدراية 1: 279، و بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1: 27.