responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشيعة: نص الحوار مع المستشرق كوربان المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 1  صفحة : 161

هذه الفنون (العلوم) عن غير المادة، قادهم للاعتقاد بانّ المادة تساوي الوجود و الواقعية، و ذهب بهم الى نفي كل ما هو غير مادي بشكل كلّي.

إثر هذا النفي و الانكار، و حصر الوجود بالماديات و الجسمانيات، حملوا الخواص العامة للمادة مثل التركيب و التجزئة، و طبقوها على كل مورد، بحيث باتت تسري على الجميع.

و الاكثر من ذلك كلّه، انهم جعلوا من النظرية النسبية نظرية عامة تطبق على كلّ شي‌ء، حتى على مرحلة الفكر. فالتحوّل و التطوّر الذي يحكم محيط المادة، نقله هؤلاء الى حيّز الفكر أيضا، باعتبار ان الفكر-هو الآخر-احد خوّاص المادة.

و لما كانت النسبية تجري في عالم الذهن، فمن المحال-اذن-وجود فكر «كلي و دائمي و ثابت و مطلق» ، بل ان جميع الافكار صحيحة اذا اخذنا بنظر الاعتبار مجموعة من الشروط المادية و الزمانية و المكانية الخاصة.

هؤلاء يخلصون الى مثل هذه النتيجة، و لكن-في الوقت نفسه-اذا كان حكمهم (ان الافكار نسبية، و انها متحولة باستمرار) مطلقا و ثابتا، ففي ذلك نقض عليهم. و إذا كان نسبيا و متغيرا فهو أيضا يبقى مثبتا لوجود فكر مطلق و ثابت.

على ايّة حال، ان مثل هذا الكلام سلب عن الافكار الجنبة الواقعية الصحيحة، و جعلها ملحقة بالسفسطة. و في النتيجة غاب الفكر الفلسفي بشكل كلّي عن الساحة، و فقد اثره الواقعي. (ينبغي متابعة تفاصيل هذه المسألة في مكان آخر) .

الخلاصة: ان هذه الاشكالات المتراكمة أغلقت طريق الواقعية و التفكير الفلسفي، و بدلت هذا الدرب المناسب الصافي الى مسار صعب عكر و أرض و عرة،

اسم الکتاب : الشيعة: نص الحوار مع المستشرق كوربان المؤلف : العلامة الطباطبائي    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست